ج2.
ج2. سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها
السيئ في الأمة
المؤلف: أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم، الأشقودري الألباني (المتوفى: 1420هـ)
الأول: أن النار لا يخرج منها أحد من الكفار، ولكن الله عز وجل ينفيها، ويزول عذابها. والآخر: أنها لا تفنى، أن عذابها أبدي دائم. وقد ساق فيه أدلة الفريقين وحججهم من المنقول والمعقول، مع مناقشتها، وبيان ما لها وما عليها. والذي يتأمل في طريقة عرضه للأدلة ومناقشته إياها، يستشعر من ذلك أنه يميل إلى القول الأول، ولكنه لم يجزم بذلك، فراجع إن شئت الوقوف على كلامه مفصلا الكتاب المذكور (2 / 167 - 228 طبع الكردي) .
ولكنني وجدته يصرح في بعض كتبه الأخرى بأن نار الكفار لا تفنى وهذا هو الظن به، فقال رحمه الله في " الوابل الصيب " (ص 26) ما نصه:
" وأما النار فإنها دار الخبث في الأقوال والأعمال والمآكل والمشارب ودار الخبيثين، فالله تعالى يجمع الخبيث بعضه إلى بعض فيركمه كما يركم الشيء لتراكب بعضه على بعض، ثم يجعله في جهنم مع أهله. فليس فيها إلا خبيث، ولما كان الناس على ثلاث طبقات: طيب لا يشوبه خبث، وخبيث لا طيب فيه، وآخرون فيهم خبث وطيب - كانت دورهم ثلاثة:
دار الطيب المحض، ودار الخبث المحض، وهاتان الداران لا تفنيان. ودار لمن معه خبث وطيب وهي الدار التي تفنى، وهي دار العصاة فإنه لا يبقى في جهنم من عصاة الموحدين أحد، فإنهم إذا عذبوا بقدر جزائهم أخرجوا من النار فأدخلوا الجنة، ولا يبقى إلا دار الطيب المحض، ودار الخبث المحض ". ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى قاعدة في الرد على من قال بفناء الجنة والنار، لم نقف عليها، وإنما ذكرها الشيخ يوسف بن عبد الهادي في " فهرسته " (ق / 26 / 1) .
608 - " ليؤمكم أحسنكم وجها، فإنه أحرى أن يكون أحسنكم خلقا، وقوا بأموالكم عن أعراضكم، وليصانع أحدكم بلسانه عن دينه ".
موضوع.
رواه ابن عدي (97 / 2) وعنه ابن عساكر (5 / 64 / 1) عن حسين بن المبارك الطبراني: حدثنا إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. وقال ابن عدي: " حسين هذا حدث بأسانيد ومتون منكرة عن أهل الشام ". ونقل الذهبي وتبعه المناوي عنه أعني ابن عدي أنه قال فيه: " متهم ". ولم أجد هذا في نسختنا من " الكامل " ثم ساق له الذهبي حديثا قال عقبه: "
وهذا كذب ". وتقدم الكلام عليه برقم (191) . والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 100) من طريق الحضرمي: حدثنا
حسان بن يوسف التميمي حدثنا محمد بن مروان عن هشام بن عروة به وقال: " موضوع. الحضرمي مجهول، ومحمد بن مروان السدي كذاب، وتابعه حسين بن المبارك عن إسماعيل بن عياش عن هشام، والبلاء من حسين، فإنه يحدث بمنكرات ". والحديث رواه الديلمي من طريق الحسين هذا، كما في " اللآلي " (2 / 22) . ورواه ابن عساكر (15 / 240 / 1) من طريق محمد بن صبح بن يوسف: حدثنا إسماعيل بن محمد بن عبد الله بن أبي البحتري عن هشام بن عروة به. أورده في ترجمة محمد بن صبح ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ومن بينه وبين هشام لم أعرفهم، وسكت السيوطي عنه! ثم ذكر له شاهدا من حديث عمرو بن أخطب نحوه، وسأتكلم عليه عقب هذا إن شاء الله تعالى.
واعلم أنه ليس في الشرع ما يدل على أن هناك ارتباطا بين حسن الوجه وحسن الخلق، فقد يتلازمان وقد ينفكان، وقد روى أحمد في " مسنده " (3 / 492) أن أبا لهب لعنه الله كان وضيء الوجه من أجمل الناس، بل قال ابن كثير: " وإنما سمي أبا لهب لإشراق وجهه " ومع ذلك فقد كان من أسوء خلق الله خلقا، وأشدهم إيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وازدراء به كما هو مشهور عنه، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله: " إن الله لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى أجسامكم، ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " رواه مسلم وغيره.
609 - " إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأكبرهم سنا، فإن كانوا في السن سواء فأحسنهم وجها ".
منكر لا أصل له.
أخرجه البيهقي (3 / 121) عن عبد العزيز بن معاوية بن عبد العزيز أبي خالد القاضي من ولد عتاب بن أسيد: أنبأ أبو عاصم: أنبأ عزرة بن ثابت عن علباء بن أحمر عن أبي زيد الأنصاري (وهو عمرو بن أخطب) مرفوعا. وأشار البيهقي لضعفه بقوله: " إن صح ".
وعلته عبد العزيز هذا ذكره ابن حبان في " الثقات " واستنكر له هذا الحديث وقال: " هذا منكر لا أصل له، ولعله أدخل عليه، وما عدا هذا من حديثه يشبه حديث الأثبات ".
ذكره الحافظ في " تهذيب التهذيب " وأقره. وقال المناوي: " وفيه عبد العزيز بن معاوية، غمزه الحاكم بهذا الحديث، وقال: هو خبر منكر. ورده في " المهذب " بأن مسلما روى حديثا بهذا السند. انتهى. وبه يعرف أن رمز المصنف لضعفه غير صواب، وأن حكم ابن الجوزي بوضعه تهور ".
قلت: وفيه عديد من الموآخذات:
الأول: أن مسلما لم يحتج بعبد العزيز هذا، وإنما روى له في المقدمة.
الثاني: أن السيوطي نفسه أقر في " اللآلي " (2 / 22) الحاكم على غمزه المذكور.
الثالث: أن ابن الجوزي لم يورد هذا الحديث مطلقا وإنما أورد الجملة الأخيرة منه من طريق أخرى في حديث آخر وهو موضوع باعتراف الذهبي صاحب " المهذب "، وإقرار المناوي نفسه له كما مضى في الحديث الذي قبله. رابعا: أن أبا أحمد الحاكم لميتفرد بإنكار الحديث بل تابعه عليه ابن حبان، وأقره الحافظ، وضعفه البيهقي كما ذكرته عنه آنفا. خامسا: أن هناك أحاديث صحيحة تبين الأحق بالإمامة مثل حديث أبي مسعود البدري مرفوعا: " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا ". رواه مسلم وغيره.
وليس فيه ولا في غيره ذكر للأحسن وجها. فهذا من الأدلة على صحة حكم الأئمة المذكورين على هذا الحديث بالإنكار.
فأنى للحديث ما أراده له المناوي من القوة! والله أعلم.
وقد ذهبت بعض المذاهب إلى تقديم الأحسن وجها بعد الاستواء في الشروط الأخرى عملا بهذا الحديث المنكر. بل بالغت بعضها فقالت: " فالأحسن زوجة لشدة عفته، فأكبرهم رأسا، فأصغرهم عضوا "!
610 - " ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله سبحانه من حلل الكرامة يوم القيامة ".
ضعيف.
أخرجه ابن ماجه (1 / 486) عن قيس أبي عمارة مولى الأنصار قال: سمعت عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يحدث عن أبيه عن جده مرفوعا. وهذا سند ضعيف من أجل قيس هذا. قال البخاري: " فيه نظر ". وذكره العقيلي في " الضعفاء " وأورد له حديثين وقال: " لا يتابع عليهما "، أحدهما هذا. وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " فلا يلتفت إليه،
بعد جرح إمام الأئمة له، ولهذا قال الحافظ في ترجمته من " التقريب ": " فيه لين ". فمن العجائب أن يسكت الحافظ على الحديث في " التلخيص " (5 / 252) ، وتبعه على ذلك السيوطي في " اللآلي " (2 / 424) . وأعجب منه قول النووي في " الأذكار " (188) : " إسناده حسن " وأقره المناوي! ولعل النووي تنبه فيما بعد لعلته فلم يورده في " الرياض ". والله أعلم.
611 - " ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار، ولا عال من اقتصد ".
موضوع.
رواه الطبراني في " الصغير " (ص 204) عن عبد القدوس بن عبد السلام بن عبد القدوس: حدثني أبي عن جدي عبد القدوس بن حبيب عن الحسن عن أنس مرفوعا. وقال: " لم يرو هـ عن الحسن إلا عبد القدوس تفرد به ولده عنه ".
قلت: عبد القدوس الجد: كذاب، وابنه اتهمه بالوضع ابن حبان كما سيأتي في الحديث (767) . والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " للطبراني في " الأوسط " فقط وهو قصور، وكذلك عزاه له الحافظ في " اللسان "، ومنه تبين أن السند واحد. فلم يحسن السيوطي بإيراده في " الجامع " مع تفرد هذا الكذاب به! .
612 - " الأكل مع الخادم من التواضع، فمن أكل معه اشتاقت إليه الجنة ".
موضوع.
الديلمي (1 / 2 / 268) عن أبي علي بن الأشعث: حدثنا شريح بن عبد الكريم: حدثنا جعفر بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي الحسيني أبو الفضل في كتاب " العروس ": حدثنا محمد بن كثير القرشي: حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أم سلمة مرفوعا.
قلت: أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 195) في جملة أحاديث ذكرها من طريق الديلمي بإسناده عن أبي الفضل هذا، وقال السيوطي: " ابن الأشعث كذبوه، وقال الديلمي: أسانيد " كتاب العروس " واهية لا يعتمد عليها، والأحاديث منكرة جدا ". قلت: ومحمد بن كثير القرشي قال أحمد: " حرقنا حديثه "، وقال البخاري: " منكر الحديث ".
وجعفر بن محمد الحسيني قال الجوزقاني في " كتاب الأباطيل ": " مجروح ". وبه أعله ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2 / 267) وقال في ترجمته من المقدمة (1 / 45) : " أشار الديلمي إلى اتهامه ". يعني قول الديلمي المتقدم. والحديث قال المناوي: " سنده ضعيف ". والظاهر أنه اقتصر على تضعيفه بناء منه على قاعدة أن ما تفرد به الديلمي فهو ضعيف، وإلا فإنه لورجع إلى سنده لحكم عليه بالوضع كما صنع السيوطي على تساهله، ومع ذلك فقد تناقض السيوطي، فأورده في " الجامع الصغير " أيضا!
613 - " ادفنوا موتاكم وسط قوم صالحين، فإن الميت يتأذى بجار السوء كما يتأذى الحي بجار السوء ".
موضوع.
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (6 / 354) وأبو عبد الله الفلاكي في " الفوائد " (ق 91 / 1) عن سليمان بن عيسى: حدثنا مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبي هريرة مرفوعا. وقال أبو نعيم: " غريب لم نكتبه إلا من هذا الوجه ". قلت: وهو موضوع، آفته سليمان هذا وهو السجزي، وهو كذاب كما قال أبو حاتم وغيره، وقال ابن عدي: " يضع الحديث ".
ومن طريقه أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " وقال (3 / 237) : " لا يصح، سليمان كذاب، ورواه داود بن الحصين عن إبراهيم بن الأشعث عن مروان بن معاوية الفزاري عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا به. قال ابن حبان: داود يحدث عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات، يجب مجانبة روايته، والبلية في هذا منه: قال: وهذا خبر باطل لا أصل له من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، [ومن روى مثل هذا الخبر عن إبراهيم بن الأشعث عن مروان عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا.
وجب مجانبة روايته، لأن إبراهيم بن الأشعث يقال له: إمام (1) من أهل بخارى ثقة مأمون، والبلية في هذا الحديث من داود هذا] " (2) .
قلت: لكن تعقبه الدارقطني في تعليقه عليه فقال: " إبراهيم بن الأشعث ضعيف يحدث عن الثقات بما لا أصل له. وزعموا أنه كان من العباد. ومروان الفزاري لم يسمع من سهيل بن أبي صالح ولا روى عنه مما انتهى إلينا ".
__________
(1) كذا الأصل، وفي " الجرح والتعديل ": " ويعرف بـ (لام) ". ولعله الصواب.
(2) زيادة من " كتاب المجروحين " لابن حبان (1 / 286) .
قلت: ويؤيد تضعيف الدارقطني لإبراهيم أن ابن حبان نفسه لما أورد إبراهيم في " الثقات " قال: " يغرب وينفرد فيخطئ ويخالف ".
فهذا منه نقض لوصفه إياه بأنه ثقة مأمون، لأنها لا تلقي مع وصفه إياه بأنه يخطئ ويخالف، بل هذا إلى التضعيف أقرب منه إلى التوثيق فتأمل، لاسيما وقد اتهمه ابن أبي حاتم (1 / 1 / 88) عن أبيه بحديث موضوع وقال: " كنا نظن بإبراهيم الخير فقد جاء بمثل هذا! ".
واعلم أن داود بن الحصين هذا ليس هو الأموي مولاهم فإن ذاك مدني، وهذا من (المنصورة) كما في " ضعفاء ابن حبان " و (المنصورة) عدة مواضع، ولعلها هنا مدينة خوارزم القديمة فراجع " معجم البلدان ".
ثم إن هذا متأخر عن ذاك، فالأموي من أتباع التابعين. وتعقبه السيوطي بما لا يجدي كغالب عادته! فقال في " اللآلي " (2 / 439) : " قلت: له شواهد ... ". ثم ذكرها من حديث علي وابن عباس، عند الماليني في " المؤتلف والمختلف "، ومن حديث أم سلمة عند الديلمي. قلت: وهي شواهد لا تسمن ولا تغني من جوع! ولم يسق السيوطي أسانيدها لننظر فيها إلا الأخير منها، وفيه عبد القدوس بن حبيب الكلاعي وهو متهم بالكذب لا يخفى حاله على مثل السيوطي، قال ابن المبارك وغيره: " كذاب ".
وقال ابن حبان: " كان يضع الحديث " كما يأتي تحت الحديث (767) .
وأما إسناد حديث علي فقد وقفت عليه، أخرجه أبو موسى المديني في " جزء من أدركه الخلال من أصحاب ابن منده " (ق 151 / 2) من طريق سليمان بن عيسى بن نجيح: حدثنا سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن ابن الحنفية عن علي بن أبي طالب مرفوعا نحوه: وقال:
" غريب من حديث الثوري ".
قلت: بل هو عندي باطل لم يحدث به الثوري، بل ألصقه به سليمان هذا وهو السجزي الكذاب الذي في الطريق الأولى ليضل به الناس كما فعل في الإسناد الأول، قاتل الله الكذابين وقبحهم.
ورواه الطبراني في " جزء منحديثه " (ق 31 / 2) من طريق المقدام بن داود المصري عن عبد الله بن محمد بن المغيرة عن سفيان به. وهذه متابعة لا يفرح بها! فإن ابن المغيرة هذا قال النسائي: " روى عن الثوري ومالك بن مغول أحاديث كانا أتقى لله من أن يحدثا بها ". وقال العقيلي: " يحدث بما لا أصل له ".
وساق الذهبي في ترجمته عدة أحاديث، ثم قال: " وهذه موضوعات "! والمقدام بن داود ليس بثقة كما قال النسائي. فبطلت هذه المتابعة أيضا. وذكر له ابن عراق شاهدا آخر من حديث ابن مسعود وقال (2 / 373) : " أخرجه ابن عساكر في تاريخه ". وسكت عليه.
وهو عند ابن عساكر (16 / 302 / 2) من طريق المظفر بن الحسن بن المهند: أخبرنا أحمد بن عمر بن جوصا: أخبرنا أبو عامر موسى بن عامر: أخبرنا الوليد بن مسلم: أخبرنا شيبان أبو معاوية عن شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود مرفوعا به.
وهذا إسناد واه، وآفته ابن المهند هذا، ففي ترجمته أورده ابن عساكر ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ولا ذكر له شيئا من أحواله إلا أنه مات سنة (381) بـ (أشنه) (2) . وأحمد بن عمر بن جوصا، قال الذهبي: " صدوق له غرائب ". وقال الدارقطني: " لم يكن بالقوي ".
وقال مسلمة بن قاسم: " كان عالما بالحديث مشهور ابالرواية، عارفا بالتصنيف، وكانت الرحلة إليه في زمانه، وكان له وراق يتولى القراءة عليه وإخراج كتبه، فساء ما بينهما، فاتخذ وراقا غيره، فأدخل الوراق الأول أحاديث في روايته وليست من حديثه، فحدث بها ابن جوصا، فتكلم الناس فيه، ثم وقف عليها فرجع عنها ". قلت: فلعل هذا الحديث مما دسه عليه ذلك الوراق ليشينه به، هذا إن كان ابن المهند سمعه منه، وحفظه عنه. ثم إن الوليد بن مسلم وإن كان ثقة فقد كان يدلس تدليس التسوية، وقد عنعن في إسناده فلا تقوم الحجة به، إن سلم ممن دونه! وبالجملة، فهذه الطريق خير طرق هذا الحديث، ومع ذلك فلا يثبت الحديث بها لما علمت من العلل التي فيها. واعلم أن الحافظ السخاوي بعد أن أورد الحديث في " المقاصد " (ص 31) من الطريق الأولى [وأولها] بقوله: " وسليمان متروك، بل اتهم بالكذب والوضع ". استدرك فقال: " ولكن لم يزل عمل السلف والخلف على هذا ".
فينبغي أن يعلم أنه لا يلزم من ذلك أن الحديث صحيح، لأنه تضمن شيئا زائدا على ما جرى عليه العمل، ألا وهو تعليل الدفن وسط القوم الصالحين، وهذا لا يستلزم ثبوت التعليل المذكور
__________
(1) بالضم ثم السكون وضم النون وهاء محضة: بلدة في طرف أذريبجان كما في " معجم البلدان ". اهـ.
فيه، لاحتمال أن يكون شيئا آخر، وعلى كل حال فعلة الحكم أمر غيبي لا يجوز إثباتها بالظن والرجم بالغيب. أو مجرد جريان العمل على مقتضاها. والله أعلم.
614 - " إن لله تعالى في كل يوم جمعة ستمائة ألف عتيق من النار، كلهم قد استوجبوا النار ".
منكر.
أخرجه ابن حبان في " المجروحين " (1 / 169) وتمام في " الفوائد " (236 / 1) وابن عدي في " الكامل " (26 / 2) والواحدي في " التفسير " (4 / 145 / 1) من طريق يحيى بن سليم الطائفي: حدثنا الأزور بن غالب عن سليمان التيمي عن ثابت البناني عن أنس بن مالك مرفوعا. وأورده ابن عدي وكذا ابن حبان في ترجمة الأزور هذا، وقال: " كان قليل الحديث إلا أنه روى على قلته عن الثقات ما لم يتابع عليه من المناكير، فكأنه كان يخطيء وهو لا يعلم حتى صار ممن لا يحتج به إذا انفرد ". ثم ساق الحديث وقال: " هذا متن باطل لا أصل له
". وأما ابن عدي فقال: " أحاديثه معدودة يسيرة غير محفوظة، وأرجو أنه لا بأس به ". كذا قال! وفي " الميزان ": " منكر الحديث، أتى بما لا يحتمل، فكذب ".
615 - " التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وإذا أحب الله عبدا لم يضره ذنب ".
ضعيف.
رواه القشيري في " الرسالة " (ص 59 طبع بولاق) ومن طريقه ابن النجار (10 / 161 / 2) : أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن فورك قال: أخبرنا أحمد بن محمود بن {خرزاذ} قال: حدثنا محمد بن فضيل بن جابر قال: حدثنا سعيد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن زكريا قال: حدثني أبي قال: سمعت أنس بن مالك يقول: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا إسناد مظلم، من دون أنس لم أجد لأحد منهم ذكرا في شيء من كتب التراجم، اللهم إلا ابن {خرزاذ} هذا فهو من شيوخ الدارقطني، وقد ساق له حديثا بسند له إلى مالك عن الزهري عن أنس.
ثم قال الدارقطني: " هذا باطل بهذا الإسناد، ومن دون مالك ضعفاء ". وقال في موضع آخر: " مجهول " كما في " اللسان ". فالظاهر أنه هو آفة هذا الحديث. والله أعلم.
والحديث أورده في " الجامع الصغير " من رواية القشيري وابن النجار، ولم يتكلم عليه المناوي بشيء!
والنصف الأول من الحديث له شواهد من حديث عبد الله بن مسعود وأبي سعيد الأنصاري. أما حديث ابن مسعود، فأخرجه ابن ماجه (4250) وأبو عروبة الحراني في " حديثه " (ق 100 / 2) والطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 71 / 1) وعنه أبو نعيم في " الحلية " (4 / 210) والقضاعي في " مسند الشهاب " (1 / 2 / 1) والسهمي في " تاريخ جرجان " (358) من طريق عبد الكريم الجزري عن أبي عبيدة عنه. ورجال إسناده ثقات، لكنه منقطع بين أبي عبيدة - وهو ابن عبد الله بن مسعود - وأبيه.
وأما حديث أبي سعيد الأنصاري، فأخرجه ابن منده في " المعرفة " (2 / 245 / 1) وأبو نعيم في " الحلية " (10 / 398) من طريق يحيى بن أبي خالد عن ابن أبي سعيد الأنصاري عن أبيه مرفوعا به.
وزاد في أوله: " الندم توبة ". وهذه الزيادة لها طريق أخرى صحيحة عن ابن مسعود، وهي مخرجة في " الروض النضير " رقم (642) . وانظر رقم (1150) فإنه فيه من حديث أبي هريرة.
وأما هذا الإسناد فهو ضعيف كما قال السخاوي في " المقاصد " (313) ، وعلته يحيى بن أبي خالد، قال ابن أبي حاتم (4 / 2 / 140) : " مجهول ". وكذا قال الذهبي.
ونقل الحافظ في " اللسان " عن أبي حاتم أنه قال: " وهذا حديث ضعيف، رواه مجهول عن مجهول ". يعني يحيى هذا، وابن أبي سعيد.
(تنبيه) : هكذا وقع في " الحلية " (أبي سعيد) ، وكذا وقع في " المقاصد " و" الجامع الصغير " وغيرهما. ووقع في " المعرفة " (أبي سعد) وفي ترجمته أورد ابن أبي حاتم (4 / 2 / 378) هذا الحديث، فيبدو أنه الصواب.
وجملة القول: أن الحديث المذكور أعلاه ضعيف بهذا التمام. وطرفه الأول منه حسن بمجموع طرقه، وقد قال السخاوي: " حسنه شيخنا - يعني ابن حجر - لشواهده ". والله أعلم. وله شاهد آخر من حديث ابن عباس بزيادة أخرى، وهو:
616 - " التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والمستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه، ومن آذى مسلما كان عليه من الأثم مثل منابت النخل ".
ضعيف.
رواه البيهقي في " الشعب " (2 / 373 / 1) وابن عساكر في المجلس الثاني
والثلاثين في التوبة من " الأمالي " (ورقة 4 / 1) من طريق الخطيب بسنده عن سلم بن سالم:
حدثنا سعيد الحمصي عن عاصم الجذامي عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا.
ثم رواه في " التاريخ " (15 / 295 / 2) من طريق أخرى عن سلم: حدثنا سعيد بن عبد العزيز به.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، سلم بن سالم وهو البلخي الزاهد أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: قال أحمد والنسائي: ضعيف ". وسعيد الحمصي لم أعرفه، ويحتمل أن يكون سعيد بن سنان أبا مهدي الحمصي وهو ضعيف جدا.
617 - " استرشدوا العاقل ترشدوا، ولا تعصوه تندموا ".
موضوع.
رواه الخطيب عن سليمان بن عيسى بسنده المتقدم آنفا برقم (613) عن أبي هريرة مرفوعا. وسليمان كذاب كما سبق، وقد ساق الذهبي في ترجمته هذا الحديث وقال:
" وهذا غير صحيح ". يعني أنه موضوع. قلت: ولم يتفرد به، فقد أخرجه أبو الحسن النعالي في " جزء من حديثه " (127 / 1) والقضاعي في " مسند الشهاب " (61 / 1) عن علي بن زياد المتوثي:
حدثنا عبد العزيز بن أبي رجاء: حدثنا مالك بن أنس به. لكنه قال: عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة: وعبد العزيز هذا قال الذهبي: " قال الدارقطني: متروك، له مصنف موضوع كله ".
ثم ساق له حديثين في العقل من طريق المتوثي هذا عنه به هذا أحدهما، وقال في الآخر: " هذا باطل على مالك ". والأول أورده الدارقطني في " غرائب مالك " من هذه الطريق وقال: " هذا حديث منكر ".
ذكره الحافظ في " اللسان ". وقد وجدت له طريقا أخرى عن أبي هريرة. رواه أبو جعفر الطوسي الشيعي في " الأمالي " (ص 94) من طريق داود بن المحبر: حدثنا عباد بن كثير عن سهيل بن عبد الله عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا به. وداود هذا وعباد بن كثير كذابان.
وهذا الحديث يكثر من إيراده بعض المشايخ حتى حفظه عنه مريدوه، ولذلك أوردته محذرا منه لعلهم ينتهون عن نسبته إليه صلى الله عليه وسلم خشية أن ينطبق عليهم قوله صلى الله عليه وسلم: " من حدث عني بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين ".
618 - " مثل الذي يتعلم العلم في صغره كالنقش في الحجر، ومثل الذي يتعلم العلم في كبره كالذي يكتب على الماء ".
موضوع.
أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الطبراني في " الكبير " عن أبي الدرداء. وقال الشارح المناوي: " قال المصنف في " الدرر ": سنده ضعيف، وقال الهيثمي: فيه مروان بن سالم الشامي، ضعفه الشيخان وأبو حاتم. قلت: البخاري ضعفه جدا فقد قال فيه: " منكر الحديث ".
وكذلك قال مسلم وأبو حاتم، وقد سبق أن ذكرنا أن من قال البخاري فيه: " منكر الحديث " فلا تحل الرواية
عنه، ولذلك فإن الاقتصار على تضعيف الرجل قصور، وكذا الاقتصار على تضعيف حديثه، فإنه يفتح الباب لمن لا علم عنده أن يستشهد به، مع أنه من المتفق عليه أن الحديث إذا اشتد ضعفه لا يجوز أن يستشهد به. وأنا أرى أن هذا الحديث موضوع، لأن ابن سالم هذا متهم كما يشير إلى ذلك قول البخاري فيه: " منكر الحديث ".
ويؤيده قول أبي عروبة الحراني: " كان يضع الحديث ". وقول الساجي: " كذاب يضع الحديث ". وقال ابن حبان (2 / 317) : " يروي المناكير عن المشاهير، ويأتي عن الثقات بما ليس من حديث الأثبات ". والحديث روي من حديث أبي هريرة بلفظ آخر، وهو:
(2/85)
619 - " من تعلم العلم وهو شاب كان بمنزلة وسم في حجر، ومن تعلمه بعد كبر فهو بمنزلة كتاب على ظهر الماء ".
موضوع.
رواه ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 218) من طريق هناد بن إبراهيم النسفي بسنده عن بقية بن الوليد عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وقال:
" لا يصح، هناد بن إبراهيم النسفي لا يوثق به، وبقية بن الوليد مدلس ". وأقره على هذا السيوطي في " اللآليء " (1 / 196) ، لكن تعقبه بقوله: " قلت: له شاهد من مرسل إسماعيل بن رافع.
أخرجه البيهقي في " المدخل " بهذا اللفظ. ومن طريق أبي الدرداء ". ثم ساق إسناد أبي الدرداء ولفظه، وهو موضوع كما بينته قبل هذا، وأما المرسل فلم يذكر إسناده إلى إسماعيل، على أن كونه من مرسله كاف في إنزال حديثه من رتبة الاستشهاد به، لأنه ضعيف جدا، تركه جماعة، وقال ابن حبان (1 / 112) :
(2/85)
" كان رجل صالحا، إلا أنه كان يقلب الأخبار حتى صار الغالب على حديثه المناكير التي يسبق إلى القلب أنه كان المعتمد لها ". على أن حق العبارة أن يقال: " من معضل إسماعيل بن رافع " لأن إسماعيل هذا ليس تابعيا، بل هو يروي عن بعض التابعين، وعليه فقد سقط من السند اثنان فأكثر، فالحديث معضل.
620 - " من أصبح يوم الجمعة صائما، وعاد مريضا، وأطعم مسكينا، وشيع جنازة، لم يتبعه ذنب أربعين سنة ".
موضوع.
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (122 / 2) ومن طريقه أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 107) عن عمرو بن حمزة البصري: حدثنا خليل بن مرة عن إسماعيل بن إبراهيم عن عطاء بن أبي رباح عن جابر مرفوعا. وقال ابن الجوزي: " موضوع، عمرو، والخليل وإسماعيل كلهم ضعفاء مجروحون ".
وتعقبه السيوطي بقوله (2 / 28) : " قلت: هذا لا يقتضي الوضع، وقد وثق أبو زرعة الخليل فقال: شيخ صالح ... ". قلت: لكن قد أشار البخاري إلى اتهامه بقوله: " منكر الحديث ".
وقال في موضع آخر: " فيه نظر ". ولا يقول هذا إلا فيمن لا تحل الرواية عنه كما تقدم ذكره مرار، وإذا ثبت هذا عن إمام الأئمة فهو جرح واضح. وهو مقدم على التعديل، لاسيما إذا كان المعدل دون البخاري في العلم بالرجال.
ثم إن المحققين من العلماء قديما وحديثا لا يكتفون حين الطعن في الحديث الضعيف سنده على جرحه من جهة إسناده فقط، بل كثيرا ما ينظرون إلى متنه أيضا فإذا وجدوه غير متلائم مع نصوص الشريعة أو قواعدها لم يترددوا في الحكم عليه بالوضع، وإن كان السند وحده لا يقتضي ذلك كهذا الحديث، فإن فيه أن فعل هذه الأمور المستحبة في يوم الجمعة سبب في أن لا يسجل عليه ذنب أربعين سنة! وهذا شيء غريب لا مثيل له في الأحاديث الصحيحة فيما أذكر الآن.
ولهذا أقول:
إن الشواهد التي أوردها السيوطي ههنا لا تشهد للحديث إلا في الجملة. أما بخصوص هذه الجملة الأخيرة: " ولم يتبعه ذنب أربعين سنة " فلا، لأنها لم ترد في شيء منها مطلقا، وكلها أطبقت على أن الجزاء: " وجبت له الجنة "، ولا يخفى أن هذا شيء والجملة المتقدمة شيء آخر، إذ لا يلزم من استحقاق الجنة أن لا يتبعه ذنب أربعين سنة فقد يسجل عليه ذنب بل ذنوب ثم يحاسب عليها فقد يستحق بها النار فيدخلها، ثم يخرج منها فيدخل الجنة جزاء هذه الأعمال الفاضلة، أو بإيمانه.
فظهر الفرق بين الشاهد والمشهو د، وهذا مما يؤكد ما ذهب إليه ابن الجوزي من أن الحديث موضوع. فتأمل فأنه شيء خطر في البال، فإن كان صوابا فمن الله، وإن كان خطأ فمن نفسي.
(2/86)
(تنبيه) : لقد اختلط على المناوي إسناد هذا الحديث بإسناد أحد الشواهد التي سبقت الإشارة إليها، وهو وإن كان ضعيفا أيضا ولكنه خير من هذا ضعفا، وبناء عليه رد على ابن الجوزي حكمه على الحديث بالوضع فقال: " إذ قصاراه أن فيه عبد العزيز بن عبد الله الأويسي أورده الذهبي في " الضعفاء "، وفيه ابن لهيعة أيضا ". فأنت ترى أن هذين ليسا في إسناد هذا الحديث الموضوع فاقتضى التنبيه.
ولفظ حديث الأويسي: " من أصبح يوم الجمعة صائما، وعاد مريضا، وشهد جنازة، وتصدق بصدقة فقد أو جب الجنة ". أخرجه البيهقي وقال: " الإسناد الأول يؤكد هذا وكلاهما ضعيف ". قلت: وشيخ الأويسي ابن لهيعة ضعيف أيضا. لكن حديثه صحيح بدون ذكر الجمعة، فانظر " الصحيحة " (88) .
621 - " من أغاث ملهو فا كتب الله له ثلاثا وسبعين مغفرة، واحدة فيها صلاح أمره كله، وثنتان وسبعون له درجات يوم القيامة ".
موضوع.
أخرجه البخاري في " التاريخ " (2 / 1 / 320) وابن أبي الدنيا في " قضاء الحوائج " (ص 38 و95) وابن عدي في " الكامل " (143 / 2) والخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ص 15) وابن حبان في " المجروحين " (1 / 304) وأبو علي الصواف في " حديثه " (85 / 2) والخطيب (6 / 41) وابن عساكر (6 / 235 / 2) من طريق زياد بن أبي حسان عن أنس مرفوعا. وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 171) من رواية العقيلي ثم قال: " موضوع. آفته زياد ". وقال العقيلي: " لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به ".
وقال ابن حبان: " كان شعبة شديد الحمل عليه، وكان ممن يروي أحاديث مناكير، وأوهاما كثيرة ".
وقال الحاكم والنقاش: " روى عن أنس أحاديث موضوعة، وكان شعبة شديد الحمل عليه وكذبه ". وقال البيهقي: إنه تفرد به. وقد تعقب السيوطي ابن الجوزي على عادته! فذكر (2 / 86) بأن للحديثين طريقين آخرين وشاهدا، وذلك مما لا طائل تحته، فإن أحد الطريقين رواه ابن عساكر (15 / 193 / 2) وفيه إسماعيل بن عياش وهو ضعيف في روايته عن الحجازيين، وهذه منها وفي الطريق إليه أبو محمد عبد الله بن عبد الغفار بن ذكوان تكلم فيه الكتاني، وفيه جماعة لم أعرفهم، وفي هذه الطريق زيادة تؤكد وضع الحديث ولفظها " ومن قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحد صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، كتب الله له بها أربعين ألف ألف حسنة ".
(2/87)
والطريق الآخر رواه الخطيب (11 / 175) ، وفيه دينار مولى أنس، وهو كذاب، قال ابن حبان (1 / 290) : " كان يروي عن أنس أشياء موضوعة ". ولذلك لم يحسن السيوطي بإيراده الحديث في " الجامع الصغير "، وقد أورده ابن طاهر في " تذكرة الموضوعات " (ص 80) . وأما الشاهد فسيأتي برقم (751) .
622 - " ما جبل ولي الله إلا على السخاء وحسن الخلق ".
موضوع.
رواه أبو القاسم القشيري في " الأربعين " (ق 157 / 2) والقاضي أبو عبد الله الفلاكي في " الفوائد " (ق 89 / 1) وابن عساكر (ج 15 / 407 / 1) من طريق يوسف بن السفر أبي الفيض: حدثنا الأوزاعي: حدثني الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا.
قلت: وهذا إسناد مركب موضوع، وآفته ابن السفر هذا فإنه كذاب كما سبق مرارا. وقد أورد الحديث من طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 179) وقال: " قال الدارقطني: يوسف يكذب، والحديث لا يثبت ". وأقره السيوطي في " اللآلي " (2 / 91) ثم ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (ق 262 / 2) . قلت: ولا يغتر برواية بقية لهذا الحديث عن الأوزاعي به. أخرجه أبو حامد الشجاعي في " الأمالي " (ق 3 - 4) وكذا رواه ابن عساكر أيضا إلا أنه أسقط من إسناده عائشة فأرسله، لا يغتر بذلك فإنها من تدليسات بقية المشهورة حيث أسقط من بينه وبين الأوزاعي ابن السفر هذا الكذاب.
ويؤيده أن ابن عساكر رواه في رواية أخرى له عن بقية عن يوسف بن السفر عن الأوزاعي به مرسلا. فهذه الرواية تدل على أن بقية تلقاه عن الكذاب المذكور.
والحديث أورده المنذري في " الترغيب " (3 / 248) من رواية أبي الشيخ عنها. وأشار إلى تضعيفه.
(2/88)
623 - " من أفطر يوما في شهر رمضان في الحضر فليهد بدنة، فإن لم يجد فليطعم ثلاثين صاعا من تمر المساكين ".
موضوع.
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية الدارقطني عن خالد بن عمرو الحمصي: حدثنا أبي: أنبأنا الحارث بن عبيدة الكلاعي: حدثنا مقاتل بن سليمان عن عطاء بن أبي رباح عن جابر مرفوعا. وقال (2 / 196) : " مقاتل كذاب. والحارث ضعيف ". وأقره السيوطي في " اللآلي " (2 / 106) ، ومع ذلك فقد أورده في " الجامع الصغير "! وتعقبه المناوي بقوله: " وقال مخرجه الدارقطني: الحارث ومقاتل ضعيفان جدا. اهـ. فقد برىء مخرجه من عهدته
(2/88)
ببيان حاله، فتصرف المصنف بحذف ذلك من كلامه غير جيد، وفي " الميزان ": هذا حديث باطل، يكفي في رده تلف خالد، وشيخه ضعيف، ومقاتل غير ثقة، وخالد كذبه الفريابي، ووهاه ابن عدي ". ثم ذكر كلام ابن الجوزي السابق ثم قال: " وتبعه المؤلف في مختصره ساكتا عليه ".
624 - " من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبدا ".
موضوع.
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق الحاكم عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا. وقال (2 / 204) : " قال الحاكم: أنا ابرأ إلى الله من عهدة جويبر ". وأما السيوطي فكأنه أقره في " اللآلي " فإنه قال
عقبه (2 / 111) : " قلت: أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " عن الحاكم وقال: إسناده ضعيف بمرة، وجويبر ضعيف، والضحاك لم يلق ابن عباس ". ثم ساق له شاهدا من حديث أبي هريرة رواه ابن النجار، وفيه إسماعيل بن معمر قال السيوطي: " قال في " الميزان ": ليس بثقة ".
فالعجب منه كيف سها عن هذا فأورده في " الجامع الصغير "! وقد تعقبه المناوي بما نقله. عن السخاوي أنه قال عقب قول الحاكم السابق: " بل هو موضوع ". ونقل نحوه عن ابن رجب، ونقل الشيخ القاريء في " موضوعاته " (ص 122) عن ابن القيم أنه قال: " وأما أحاديث الاكتحال والادهان والتطيب يوم عاشوراء فمن وضع الكذابين، وقابلهم آخرون فاتخذوه يوم تألم وحزن، والطائفتان مبتدعتان خارجتان عن السنة، وأهل السنة يفعلون ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الصوم، ويجتنبون ما أمر به الشيطان من البدع ".
(2/89)
625 - " الإيمان نصفان، نصف في الصبر، ونصف في الشكر ".
ضعيف جدا.
رواه الخرائطي في " كتاب فضيلة الشكر " (129 / 1 من مجموع 98) والديلمي في " مسند الفردوس " (1 / 2 / 361) عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، يزيد هو ابن أبان وهو متروك كما قال النسائي وغيره. والحديث ذكره في " الجامع الصغير " من رواية البيهقي في " الشعب " عن أنس، وقال المناوي: " وفيه يزيد الرقاشي، قال الذهبي وغيره: متروك ".
(2/89)
626 - " من رابط فواق ناقة حرمه الله على النار ".
منكر.
رواه العقيلي في " الضعفاء " (ص 6) والخطيب (7 / 203) عن محمد بن حميد: حدثنا أنس بن عبد الحميد - أخوجرير بن عبد الحميد - عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا وقال العقيلي: " هذا حديث منكر ". ذكره في ترجمة أنس هذا، ثم قال: " وقد رأيت له غير حديث من هذا النحو، فإن كان ابن حميد ضبط عنه، فليس هو ممن يحتج به ". ثم رواه العقيلي (ص 165) من طريق سليمان بن مرقاع الجندعي عن مجاهد عن عائشة مرفوعا. وقال: " سليمان منكر الحديث، ولا يتابع في حديثه ".
(2/90)
627 - " من صبر على سوء خلق امرأته أعطاه الله من الأجر مثل ما أعطى أيوب على بلائه، ومن صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها الله مثل ثواب آسية امرأة فرعون ".
لا أصل له بهذا التمام.
أورده هكذا الغزالي في " الإحياء " (2 / 39) وقال مخرجه العراقي: " لم أقف له على أصل ". وأقره الزبيدي في " شرح الإحياء " (5 / 352) وذكر نحوه السبكي في " الطبقات " (4 / 154) .
وأقول: قد وجدت للشطر الأول منه أصلا ولكنه موضوع، رواه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " فقال: حدثنا داود بن المحبر: حدثنا ميسرة بن عبد ربه عن أبي عائشة السعدي عن يزيد بن عمر بن عبد العزيز عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة وابن عباس قالا: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة قبل وفاته ... قلت: فذكر حديثا طويلا جدا في نحواثنتين عشرة صفحة، والصفحة أكبر من هذه، وهو مركب من أحاديث متفرقة، وفيه هذا الشطر، أورده السيوطي بتمامه في " اللآلي " (2 / 361 - 373) ثم قال: " قال الحافظ ابن حجر في " المطالب العالية ": هذا الحديث بطوله موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به ميسرة بن عبد ربه لا بورك فيه ".
(2/90)
628 - " تنقه، وتوقه ".
ضعيف.
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (ص 222) والطبراني في " المعجم الكبير " وعنه
(2/90)
أبو نعيم في " الحلية " (7 / 267) وتمام في " الفوائد " (3 / 40) وأبو محمد الخلدي في " جزء من فوائده " (44 / 1) وأبو العباس بن المنير في المجلس الخامس من " الأمالي " (28 / 1) والرامهرمزي في " المحدث الفاصل " (ص 49) وفي " الأمثال " (123 / 2) وأبو الحسن الزعفراني في " فوائد أبي شعيب " (ق 82 / 2) والخطابي في " غريب الحديث " (153 / 1) من طريق عبد الله بن مسعر بن كدام عن مسعر عن وبرة عن عبد الله بن عمر مرفوعا وقال العقيلي: " لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به ". يعني عبد الله هذا.
قلت: قال الذهبي: " تالف، قال أبو حاتم: متروك الحديث ". قلت: وهو راوي حديث انقطاع عذاب جهنم المتقدم برقم (607) . وذكر له السيوطي شاهدا من رواية الباوردي في " المعرفة " عن سنان مرفوعا بلفظ: " تنق وتوق ". وأعله المناوي بالإرسال فقال: " سنان هو ابن سلمة بن المحبق البصري الهذلي، ولد يوم حنين، وله رؤية، وقد أرسل أحاديث ". ولم يتعرض للكلام على إسناده إليه، وما أراه يصح. والله أعلم.
629 - " من بات على طهارة ثم مات من ليلته مات شهيدا ".
موضوع.
رواه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (رقم 729) عن سليمان بن سلمة الخبائري (الأصل: الجنائزي وهو تصحيف) : حدثنا يونس بن عطاء بن عثمان بن سعيد بن زياد بن الحارث الصدائي:
حدثنا سلمة الليثي وشريك بن أبي نمر قالا: حدثنا أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا سند موضوع، سليمان هذا قال ابن الجنيد: " كان يكذب ".
ويونس بن عطاء قال ابن حبان: " يروي العجائب، لا يجوز الاحتجاج بخبره ". وقال الحاكم وأبو سعيد النقاش وأبو نعيم: " روى عن حميد الطويل الموضوعات ".
قلت: ومع هذا فقد أورد الحديث السيوطي في " الجامع الصغير " عن ابن السني! ولم يتعقبه المناوي بشيء! فلا أدري ما فائدة تسويد الصحيفة بإيراده أحاديث هؤلاء الكذابين؟! .
(2/91)
630 - " قال الله تعالى: الإخلاص سر من سري، استودعته قلب من أحببت من عبادي ".
ضعيف.
ذكره الغزالي في " الإحياء " (4 / 322) عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الحافظ العراقي في " تخريجه ": " رويناه في جزء من " مسلسلات القزويني " مسلسلا يقول كل واحد من رواته: سألت فلانا عن الإخلاص؟ فقال: ... ، وهو من رواية أحمد بن عطاء الهجيمي عن عبد الواحد بن زيد عن الحسن عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن الله تعالى.
وأحمد بن عطاء وعبد الواحد بن زيد كلاهما متروك، ورواه أبو القاسم القشيري في " الرسالة " من حديث علي بن أبي طالب بسند ضعيف ".
(تنبيه) : جاء هذا الحديث في كتاب " من هدي الإسلام " المقرر تدريسه للصف الثامن (ص 74 طبع سنة
1375 - 1955) معزوا للحاكم. ولم أجد من عزاه إليه فهو وهم على الغالب. والله أعلم.
(2/92)
631 - " ثلاثة ليس عليهم حساب فيما طعموا إذا كان حلالا، الصائم، والمتسحر، والمرابط في سبيل الله ".
موضوع.
الطبراني (3 / 143 / 2) عن عبد الله بن عصمة عن أبي الصباح عن أبي هاشم عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، نقل المناوي عن الهيثمي أنه قال: " عبد الله بن عصمة وأبو الصباح مجهولان ". وأقره المناوي! وأقول: كلا فإن أبا الصباح ليس مجهولا بل هو معروف ولكن بالوضع! أورده الحافظ في الكنى من " اللسان " وسماه عبد الغفور، ثم أحال عليه في " الأسماء "، وذكر هناك: " قال يحيى بن معين: ليس حديثه بشيء، وقال ابن حبان: كان ممن يضع الحديث " (1) . وقال البخاري: تركوه، وقال ابن عدي: ضعيف منكر الحديث ". ثم ساق له أحاديث، على بعضها آثار الوضع لائحة! فهو المتهم بهذا الحديث.
ولعل من آثار هذا الحديث السيئة ما عليه حال المسلمين اليوم، فإنهم إذا جلسوا في رمضان للإفطار لا يعرف أحدهم أن يقوم عن الطعام إلا قبيل العشاء لكثرة ما يلتهم من أنواع الأطعمة والأشربة والفواكه والحلوى! كيف لا والحديث يقول: إنه من الثلاثة الذين لا حساب عليهم فيما
__________
(1) قلت: وتمام كلامه في " المجروحين " (2 / 141) : " ... على الثقات، كعب وغيره لا يحل كتابة حديثه ولا ذكره إلا على جهة التعجب ". اهـ.
(2/92)
طعموا! فجمعوا بسبب ذلك بين الإسراف المنهي عنه في الكتاب والسنة، وبين تأخير صلاة المغرب المنهي عنه في قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تزال أمتي بخير أو على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم " صححه الحاكم ووافقه الذهبي وهو كما قالا، فإن له طرقا وشواهد أشرت إليها في " صحيح سنن أبي داود " (رقم 444) . نعم جاء الحض على تعجيل الفطر أيضا في أحاديث كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ".
فيجب العمل بالحديثين بصورة لا يلزم منها تعطيل أحدهما من أجل الآخر، وذلك بالمبادرة إلى الإفطار على لقيمات يسكن بها جوعه ثم يقوم إلى الصلاة، ثم إن شاء عاد إلى الطعام حتى يقضي حاجته منه، وقد جاء شيء من هذا في السنة العملية فقال أنس: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء ". رواه أبو داود والترمذي وحسنه. وهو في " صحيح أبي داود " برقم (2040) وما قبله متفق عليه، وهو مخرج في " الإرواء " (899) .
632 - " أول من يدعى إلى الجنة الحمادون الذين يحمدون الله في السراء والضراء ".
ضعيف.
أخرجه الطبراني في " الصغير " (ص 57) وفي " الكبير " أيضا و" الأوسط " وأبو الشيخ في " أحاديثه " (16 / 2) وأبو بكر بن أبي علي المعدل في " سبع مجالس من الأمالي " (12 / 1) وأبو نعيم (5 / 69) عن علي بن عاصم: حدثنا قيس بن الربيع عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا.
وقال الطبراني وأبو نعيم: " لم يرو هـ عن حبيب إلا قيس بن الربيع وشعبة بن الحجاج ". زاد الأول: " تفرد به عن شعبة نصر بن حماد الوراق ".
قلت: ثم أخرجه الطبراني في " الصغير " والبغوي في " شرح السنة " (1 / 144 / 2) وكذا الضياء في " المختارة " (7 / 13 / 1) من طريق نصر بن حماد: حدثنا شعبة عن حبيب به. وهذه المتابعة ضعيفة جدا، فإن راويها نصر بن حماد كذاب كما تقدم مرارا. وأما الطريق الأول فضعيف، وفيه ثلاث علل:
الأولى والثانية: ضعف علي بن عاصم، وكذا شيخه قيس بن الربيع. والثالثة: عنعنة حبيب بن أبي ثابت، فإنه مدلس. وقول الطبراني: " لم يرو هـ عن حبيب إلا قيس وشعبة.... " إنما هو بالنسبة لما وقع إليه، وإلا فقد تابعهما عن شعبة سعد بن عامر أخرجه الماليني في " شيوخ الصوفية " (17 - 18) :
أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين بن حمزة الصوفي الزادي: أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد الفقيه بـ (بلخ) : أنبأنا محمد بن فضيل الزاهد: أنبأنا سعد بن عامر عن شعبة به. ومن دون ابن فضيل لم أعرفهما. وتابعهما المسعودي أيضا، أخرجه ابن أبي الدنيا في " الصبر " (50 / 1) والحاكم (1 / 502) بسند صحيح عن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي عن حبيب بن أبي ثابت به. وقال:
(2/93)
" صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبي! وفيه مؤاخذات:
الأول: أن المسعودي لم يخرج له مسلم مطلقا، وإنما أخرج له البخاري تعليقا، فليس هو على شرط مسلم.
الثاني: أن المسعودي ضعيف لاختلاطه، قال ابن حبان (2 / 51) : " اختلط حديثه القديم بحديثه الأخير فلم يميز فاستحق الترك ". وقد وصفه الذهبي نفسه في " الميزان " بأنه سيىء الحفظ، فأنى لحديثه الصحة؟!
الثالث: أن حبيب بن أبي ثابت قد عنعنه وهو مدلس كما تقدم، فأنى للحديث الصحة؟! والحديث أعله الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (4 / 70) بقيس بن الربيع قال: " ضعفه الجمهور ". وكأنه خفيت عليه رواية الحاكم هذه! ورواه ابن المبارك في " الزهد " (165 / 1 من الكواكب 575) بسند صحيح عن حبيب عن ابن جبير موقوفا عليه. ولعله الصواب.
633 - " من نظر في الدنيا إلى من هو دونه، ونظر في الدين إلى من هو فوقه كتبه الله صابرا وشاكرا، ومن نظر في الدنيا إلى من هو فوقه وفي الدين إلى من هو دونه لم يكتبه الله صابرا ولا شاكرا ".
لا أصل له بهذا اللفظ.
وإن أورده الغزالي (4 / 108) وعزاه الحافظ العراقي للترمذي من حديث عبد الله بن عمرو، فإن الترمذي إنما رواه (3 / 320) من طريق المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ:
" خصلتان من كانتا فيه كتبه الله شاكرا صابرا، ومن لم تكن فيه لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا: من نظر في دينه إلى من هو فوقه فاقتدى به، ومن نظر في دنياه إلى من هو دونه فحمد الله على ما فضله به عليه كتبه الله شاكرا صابرا، ومن نظر في دينه إلى من هو دونه، ونظر في دنياه إلى من هو فوقه فأسف على ما فاته منه لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا ". وضعفه الترمذي بقوله: " هذا حديث غريب ".
وعلته المثنى هذا، قال العراقي: " ضعيف ". وسكت عليه الحافظ في " الفتح " (11 / 27) وهذا يدل على أن ما يسكت عنه الحافظ في هذا الكتاب ليس حسنا دائما خلافا لظن بعضهم.
ويغني عن هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: " انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم ". رواه مسلم والترمذي وصححه، وهو عند البخاري (10 / 270) نحوه.
(2/94)
634 - " إنكم لا تسعون الناس بأموالكم، فليسعهم منكم بسط الوجه، وحسن الخلق ".
ضعيف.
رواه علي بن حرب الطائي في " حديثه " (81 / 1) وأبو نعيم (10 / 25) من طريق عبد الله بن سعيد المقبري عن جده عن أبي هريرة. وعزاه السيوطي للحاكم أيضا والبيهقي. قال المناوي: " قال البيهقي: تفرد به عبد
الله بن سعيد المقبري عن أبيه (كذا) . وروي من وجه آخر ضعيف عن عائشة. اهـ.
وفي " الميزان ": عبد الله بن سعيد هذا واه بمرة، وقال الفلاس: منكر الحديث متروك، وقال يحيى: استبان لي كذبه، وقال الدارقطني، متروك ذاهب.
وساق له أخبارا هذا منها، ثم قال: وقال فيه البخاري: تركوه ". قلت: وأورده الهيثمي في " المجمع " (8 / 22) برواية أبي يعلى والبزار وقال: " وفيه عبد الله بن سعيد المقبري وهو ضعيف ". وأما قول المنذري (3 / 260) : " رواه أبو يعلى والبزار من طرق أحدهما حسن جيد ". فأخشى أن يكون وهما لأمرين: الأول: أنه لوكان له طرق أحدهما حسن. لما اقتصر الهيثمي على ذكر الطريق الضعيف. الثاني: أن البيهقي قد صرح بتفرد المقبري به. والله أعلم.
ثم إنني لم أجد الحديث في " المستدرك ". ثم وجدته فيه (1 / 124) وقال: " عن أبيه ".
(2/95)
635 - " ذروا العارفين المحدثين من أمتي، لا تنزلوهم الجنة ولا النار، حتى يكون الله الذي يقضي فيهم يوم القيامة ".
موضوع.
رواه ابن عدي (208 / 1) والثقفي في " الفوائد العوالي المنتقاة " المعروفة بـ " الثقفيات " (ج 6 رقم 10 من منسوختي) والخطيب (8 / 292) من طريق أيوب بن سويد: حدثني سفيان عن خالد بن أبي كريمة عن عبد الله بن مسور - بعض ولد جعفر بن أبي طالب - عن محمد بن الحنفية عن أبيه مرفوعا.
وهذا إسناد موضوع، المتهم به عبد الله بن مسور قال في " الميزان ": " قال أحمد وغيره أحاديثه موضوعة ". ثم ساق له أحاديث هذا أحدها. وفي " اللسان ": " قال ابن المديني: كان يضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يضع إلا ما فيه أدب أو زهد، فيقال له في ذلك؟ فيقول: إن فيه أجرا "! وقال البخاري: " يضع الحديث ".
وقال النسائي: " كذاب ". وقال ابن حبان (2 / 29) :
(2/95)
" كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات ". قلت: ومع هذا فقد أورد السيوطي حديثه هذا في " الجامع الصغير "! وللحديث طريق آخر سيأتي بلفظ: " دعوا المذنبين.... ".
636 - " المتحابون في الله على كراسي من ياقوت أحمر حول العرش ".
منكر.
رواه الطبراني (1 / 198 / 2) وابن عدي (212 / 2) والثقفي في " الثقفيات " (6 / 49 / 2) عن عبد الله بن عبد العزيز الليثي: حدثني سليمان بن عطاء بن يزيد الليثي عن أبيه عن أبي أيوب مرفوعا، وقال ابن عدي: " حديث غير محفوظ ". قلت: وسنده ضعيف جدا، الليثي هذا قال البخاري وأبو حاتم: " منكر الحديث ". وقال ابن حبان في " المجروحين " (2 / 16) : " اختلط بآخره فكان يقلب الأسانيد ولا يعلم، ويرفع المراسيل فاستحق الترك ".
وشيخه سليمان بن عطاء الراوي عن أبيه عطاء، ذكره ابن أبي حاتم (2 / 1 / 133) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " (2 / 109) .
والحديث ذكره السيوطي في " الجامع " من رواية الطبراني، وتعقبه المناوي بالليثي هذا، ونقل عن العلائي أنه قال: " لا بأس بإسناده ". وهذا مردود ففيه كل البأس لما عرفت من كلام الأئمة في الليثي، وقد جاءت أحاديث كثيرة ثابتة بمعنى هذا، وليس في شيء منها " على كراسي من ياقوت " إنما " على كراسي من نور " (انظر الترغيب 4 / 47 - 48) فدل هذا على أن الحديث بهذا اللفظ منكر، لتفرد هذا الضعيف به، وخلوه عن جابر يقويه.
(2/96)
637 - " إن الله يحب الملحين في الدعاء ".
باطل.
رواه العقيلي في " الضعفاء " (467) وأبو عبد الله الفلاكي في " الفوائد " (89 / 2) عن بقية: حدثنا يوسف بن السفر عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا.
قلت: وهذا سند ضعيف جدا بل موضوع، يوسف بن السفر كذاب بل قال البيهقي: " هو في عداد من يضع الحديث ". وقد ذكر المناوي عن الحافظ أنه قال: " تفرد به يوسف بن السفر عن الأوزاعي، وهو متروك، وكأن بقية دلسه ". وقال ابن عدي في " الكامل " (418 / 1) : " وهذه الأحاديث التي رواها يوسف عن الأوزاعي بواطيل كلها ".
(2/96)
قلت: ولبقية في هذا الحديث روايتان إحدهما صرح فيها بسماعه له من يوسف بن السفر وهي هذه، والأخرى أسقط من الإسناد يوسف هذا الكذاب فدلسه كما سبق عن الحافظ وهذه أخرجها العقيلي وأبو عروبة الحراني في " جزء من حديثه " (100 / 2) والديلمي (1 / 2 / 238 - 239) والسلفي في " معجم السفر " (212 / 2) وعبد الغني المقدسي في " الدعاء " (145 / 2) من طريق كثير بن عبيد: حدثنا بقية عن الأوزاعي به. وبقية متهم بأنه كان يدلس عن الضعفاء والمتروكين، وهذه الرواية من الشواهد على ذلك.
ثم ساقه العقيلي من طريق عيسى بن يونس عن الأوزاعي قال: كان يقال: أفضل الدعاء الإلحاح على الله تبارك وتعالى والتضرع إليه. ثم قال: " حديث عيسى بن يونس أولى، ولعل بقية أخذه عن يوسف بن السفر ".
638 - " الجالس وسط الحلقة ملعون ".
ضعيف.
رواه القطيعي في جزء " الألف دينار " (1 / 16 / 2) من طريق شريك عن شعبة وهمام عن قتادة عن أبي مجلز عن حذيفة رفعه. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الأولى: شريك وهو ابن عبد الله القاضي، قال الحافظ: "يخطيء كثيرا تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة ". قلت: وقد توبع، لكنه خولف في لفظه كما يأتي. الثانية: الانقطاع بين أبي مجلز وحذيفة فإنه لم يسمع منه كما قال ابن معين، بل قال أحمد: إنه لم يدركه كما يأتي. وقد تابع شريكا عبد الله بن المبارك. أخرجه الترمذي (4 / 7) بلفظ: " قال حذيفة: ملعون على لسان محمد، أولعن الله على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، من قعد وسط الحلقة ".
وهكذا أخرجه الحاكم أيضا (4 / 281) وأحمد (5 / 384، 398، 401) عن شعبة به وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". والحاكم: " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبي! قلت: وقد ذهلوا جميعا عن الانقطاع الذي ذكرناه، وبه أعله أحمد، فإنه روى بسند الصحيح عن شعبة أنه قال عقب الحديث: " لم يدرك
أبو مجلز حذيفة ". قلت: وتابع شعبة أبان بن يزيد العطار، أخرجه أبو داود (2 / 292) وابن عدي في " الكامل " (26 / 1) بلفظ: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من جلس وسط الحلقة ".
(2/97)
والحديث أورده السيوطي في " الدرر المنتثرة " (ص 139) بلفظ القطيعي ثم قال: " رواه أبو داود والترمذي عن
حذيفة بن اليمان ". كذا قال وفيه موآخذتان: الأولى: أن هذا ليس لفظهما كما سبق. الثانية: أنه سكت عن سنده وهو ضعيف.
639 - " ركعتان من المتزوج أفضل من سبعين ركعة من الأعزب ".
موضوع.
رواه العقيلي في " الضعفاء " (432) عن مجاشع بن عمرو: حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن أنس مرفوعا. وقال: " مجاشع حديثه منكر غير محفوظ، قال يحيى بن معين: وقد رأيته أحد الكذابين ". وقال ابن حبان (2 / 321) : " يضع الحديث على الثقات، لا يحل ذكره إلا بالقدح ". ومن طريق العقيلي ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 257) ، وتعقبه السيوطي بأن له طريقا أخرى، وهو تعقب لا طائل تحته، فإنه طريق باطل لا يصح أن يستشهد به كما يأتي بيانه في الحديث بعده. ثم إن في الحديث علة أخرى فإن عبد الرحمن بن
زيد بن أسلم متهم أيضا، وقد سبق له عدة أحاديث، فإن سلم من مجاشع، فلم يسلم منه. ثم وجدت للحديث طريقا أخرى رواه أبو الحسين الأبنوسي في " الفوائد " (32 / 1) عن أحمد بن مسلم قال: حدثنا أحمد بن محمد يعني ابن عمر بن يونس قال:
حدثنا داود بن عبد الله النمري عن محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به.
قلت: وهذا سند ساقط، أحمد بن مسلم وداود بن عبد الله النمري لم أجد من ترجمهما. وأما أحمد بن محمد بن عمر بن يونس فهو كذاب، قال الذهبي: " كذبه أبو حاتم وابن صاعد، وقال الدارقطني: ضعيف، وقال مرة: متروك ". قلت: والتعقب على ابن الجوزي بهذا الطريق أولى (لوصح) من الطريق الآتي بعد، لأن متنه موافق لهذا المتن بخلاف الآتي فإنه مغاير كما سترى.
(2/98)
640 - " ركعتان من المتأهل خير من اثنتين وثمانين ركعة من العزب ".
باطل.
تمام الرازي في " الفوائد " (6 / 118 / 1) وعنه الضياء في " المختارة " (117 / 1) عن
(2/98)
مسعود بن عمرو البكري: حدثنا حميد الطويل عن أنس مرفوعا. قال الذهبي في ترجمة مسعود هذا: " لا أعرفه، وخبره باطل ". ثم ساق له هذا الحديث وأقره الحافظ في " اللسان " إلا أنه قال: " وقد تقدم نحو هذا المتن من حديث أنس من وجه آخر في ترجمة مجاشع بن عمرو، وهو معروف به ".
وحديث مجاشع تكلمت عليه آنفا، وذكرنا أن ابن الجوزي حكم بوضعه، ومن العجيب أن السيوطي تعقبه في " اللآلي " (2 / 160) بأن له طريقا أخرى ثم ساق هذه عن تمام ثم قال: " أخرجه من هذه الطريق الضياء في " المختارة " لكن تعقبه الحافظ ابن حجر في أطرافه فقال: هذا حديث منكر ما لإخراجه معنى "! فما معنى تعقب
السيوطي إذن على ابن الجوزي بهذه الطريق المنكرة باعترافه، بل ما معنى إخراجه للحديث في " الجامع الصغير " مع قول الحافظ فيه: " إنه خبر باطل "؟!
641 - " كان الناس يعودون داود، يظنون أن به مرضا وما به إلا شدة الخوف من الله تعالى ".
موضوع.
أخرجه تمام في " الفوائد " (49 / 2) وعنه ابن عساكر (14 / 338 / 2) وأبو نعيم (7 / 137) وكذا ابن عساكر في ترجمة داود عليه السلام والضياء في " الأحاديث والحكايات " (150 / 2) عن محمد بن عبد الرحمن بن غزوان الضبي: حدثنا الأشجعي عن سفيان الثوري عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. وقال ابن عساكر: " غريب جدا، وابن غزوان ضعيف ". وقد أورده السيوطي في " الجامع " عن ابن عساكر وحده فتعقبه المناوي بأن أبا نعيم رواه أيضا ثم قال:
" وفيه عندهما محمد بن عبد الرحمن بن غزوان، قال الذهبي: قال ابن حبان: يضع (1) ، وقال ابن عدي: متهم بالوضع ".
وقال في " الميزان ": " حدث بوقاحة عن مالك وشريك وضمام بن إسماعيل ببلايا، قال الدارقطني وغيره: كان يضع الحديث. وقال ابن عدي: له عن ثقات الناس بواطيل ". زاد في " اللسان ":
__________
(1) قلت: ولفظ ابن حبان في " المجروحين " (2 / 298) : " يروي عن أبيه وغيره العجائب التي لا يشك من هذا الشأن صناعته أنها معمولة أو مقلوبة ". وقال عن شيخه ابن خزيمة: " أنا خائف أنه كذاب ". اهـ.
(2/99)
" وقال ابن عدي: وهو ممن يضع الحديث. وقال الحاكم: روى عن مالك وإبراهيم بن سعد أحاديث موضوعة ". قلت: والحديث رواه عبد الله بن الإمام أحمد في " زوائد الزهد " (ص 88) عن سعيد بن هلال أن داود النبي كان الحديث نحوه. فهذا كما تراه موقوف ومعضل، فالظاهر أنه من الإسرائيليات. والله أعلم.
642 - " السواك يزيد الرجل فصاحة ".
موضوع.
ابن عدي في " الكامل " (388 / 2) والخطيب في " تلخيص المتشابه " (147 / 2) من طريق أبي يعلى: أخبرنا محمد بن بحر: أخبرنا المعلى بن ميمون أخبرنا عمرو بن داود عن سنان بن سنان عن أبي هريرة مرفوعا. ورواه العقيلي في " الضعفاء " (277) وأبو بكر الختلي في " جزء من حديثه " (44 / 2) وأبو سعيد بن الأعرابي في " المعجم " (122 / 1) وعنه القضاعي (13 / 1) والديلمي (2 / 222) من طريق أخرى عن المعلى به. وقال العقيلي: " روى عن سنان بن أبي سنان، كلاهما مجهول، والحديث معلول ".
وأورده ابن عدي في ترجمة المعلى، وساق له حديثين آخرين يأتيان بعده، ثم قال: " وله غير ما ذكرت وكلها غير محفوظة، مناكير ". وفي " الكشف ": " قال الصغاني: وضعه ظاهر، وقال ابن الجوزي: لا أصل له ".
(2/100)
643 - " إن الملائكة لتفرح بذهاب الشتاء، لما يدخل على فقراء المؤمنين منه من الشدة ".
منكر.
رواه ابن عدي بإسناد الذي قبله، ورواه العقيلي (422) وكذا الطبراني (3 / 112 / 1) من طريق أخرى عن معلى بن ميمون عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا. وقال العقيلي: " معلى بن ميمون بصري منكر الحديث، لا يتابع على حديثه، ولا يعرف إلا به، وله من هذا النحوأحاديث مناكير لا يتابع عليها ".
وقوله: " ولا يتابع على حديثه " عجيب فإنه نفسه أخرجه (ص 150) من طريق نعيم بن حماد: حدثنا سعيد بن دهثم المقدسي قال: حدثنا عبد الله بن نمير الرحبي عن مجاهد به. ولكن سعيد بن دهثم هذا قال العقيلي: " حديثه غير محفوظ، وعبد الله بن نمير ليس بمعروف بالنقل ". قلت: ونعيم ضعيف.
(2/100)
644 - " حامل كتاب الله له في بيت مال المسلمين في كل سنة مائتا دينار، فإن مات وعليه دين قضى الله ذلك الدين ".
موضوع.
رواه الديلمي عن العباس بن الضحاك: حدثنا محمد بن أحمد بن عبد الله الهروي عن مقاتل بن سليمان عن خولة الطائي عن سليك الغطفاني مرفوعا.
أورده السيوطي في " اللآلي " شاهدا للحديث الآتي عقبه وقال: " العباس بن الضحاك، دجال، ومقاتل بن سليمان قال وكيع وغيره: كذاب ". قلت: فما فائدة إيراده إذن؟ وكيف استجاز ذكره إياه في " الجامع الصغير " أيضا؟! ومن عجائبه أنه لم يورده فيه بتمامه بل بشطره الأول فقط! ولعله إنما ذكره فيه من أجل أن له شاهدا، أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " لكن لا يخفى أن الموضوع لا يقوى بطرقه مهما كثرت، وهذا شيء نبه عليه السيوطي نفسه في " تدريب الراوي " وغيره. والشاهد المذكور هو: " من قرأ القرآن فله مائتا دينار، فإن لم يعطها في الدنيا أعطيها في الآخرة ".
(2/101)
645 - " من قرأ القرآن فله مائتا دينار، فإن لم يعطها في الدنيا أعطيها في الآخرة ".
موضوع. أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 255) من رواية ابن عدي عن عمرو بن جميع عن جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي مرفوعا. وقال: " جويبر تالف، وعمرو كذاب ". وتعقبه السيوطي (1 / 246) بما لا يجدي كغالب عادته ثم قال: " وله طريق آخر عن علي موقوفا ". قلت: ثم ساقه من رواية البيهقي بإسناده عن عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن علي قال: فذكره نحوه. وقال السيوطي: " عبد الملك كذاب وله طريق أخرى ".
ثم ساق الحديث الذي قبله، وفيه دجال، وآخر كذاب كما سبق من كلام السيوطي نفسه، فلا أدري ما فائدة تسويد الصحيفة بإيراده أحاديث هؤلاء الكذابين؟!
(2/101)
646 - " شاب سفيه سخي أحب إلي من شيخ بخيل عابد، إن السخي قريب من الله، قريب من الجنة، بعيد من النار، وإن البخيل بعيد من الجنة، قريب من النار ".
موضوع.
رواه تمام الرازي (3 / 38 - 39 من مجموع الظاهرية رقم 95) من طريق محمد بن زكريا الغلابي: حدثنا العباس بن بكار: حدثنا محمد بن زياد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس مرفوعا.
(2/101)
قلت: والغلابي وضاع، وقد سبق ذكره مرارا. والشطر الأول من الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الحاكم في " تاريخه " والديلمي في " مسند الفردوس " عن ابن عباس، وسكت عنه شارحه المناوي! وأورده في اللآلي " (2 / 93) بتمامه من طريق تمام، لكن سقط من إسناده بعض رجاله، منهم الغلابي هذا الذي هو آفة الحديث، فخفيت على الناظر علة الحديث. والشطر الثاني من الحديث، أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق أخرى عن أبي هريرة وقال: " قال العقيلي: ليس لهذا الحديث أصل ". وقد سبق الكلام عليه برقم (152) .
647 - " أي الخلق أعجب إليكم إيمانا؟ قالوا: الملائكة، قال: وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربهم عز وجل؟ قالوا: فالنبيون، قال: وما لهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم؟ قالوا: فنحن، قال: وما لكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إن أعجب الخلق إلي إيمانا لقوم يكونون من بعدكم يجدون صحفا فيها كتاب يؤمنون بما فيها ".
ضعيف.
رواه الحسن بن عرفة: حدثنا إسماعيل بن عياش الحمصي عن المغيرة بن قيس التميمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا. رواه عنه إسماعيل بن محمد الصفار في " جزئه " (90 / 2 مجموع 22) وكذا البيهقي في " الدلائل " (ج 2) والخطيب في " شرف أصحاب الحديث " (26 / 2) وطراد أبو الفوارس في " ما أملاه يوم الجمعة 14 شعبان سنة 478 ".
قلت: وهذا إسناد ضعيف، إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين وهذه منها، فإن المغيرة بن قيس بصري. وهو ضعيف أيضا. قال ابن أبي حاتم (4 / 1 / 227) : " بصري، روى عن عمرو بن شعيب، روى عنه أبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، سمعت أبي يقول ذلك، ويقول: هو منكر الحديث ".
قلت: وأما ابن حبان فذكره في " الثقات "! كما في " اللسان ". ورواه البيهقي من طريق مالك بن مغول عن طلحة عن أبي صالح مرفوعا. وقال: " هذا مرسل ". قلت: وهو على إرساله ضعيف وقد وصله أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 308 - 309)
(2/102)
والسهمي (363) من طريق خالد بن يزيد العمري: حدثنا الثوري عن مالك بن مغول عن طلحة بن مصرف عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا. لكن العمري هذا كذاب وضاع. وقد روي الحديث بلفظ آخر وهو:
648 - " أتدرون أي أهل الإيمان أفضل إيمانا؟ قالوا: يا رسول الله الملائكة؟ قال: هم كذلك، ويحق ذلك لهم، وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها؟ بل غيرهم. قالوا: يا رسول الله فالأنبياء الذين أكرمهم الله تعالى
بالنبوة والرسالة؟ قال: هم كذلك ويحق لهم ذلك، وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها؟ بل غيرهم. قال: قلنا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: أقوام يأتون من بعدي في أصلاب الرجال فيؤمنون بي ولم يروني، ويجدون الورق المعلق فيعملون بما فيه، فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيمانا ".
ضعيف جدا.
رواه البغوي في " حديث مصعب الزبيري " (152 / 2) وعنه ابن عساكر (16 / 274 / 1) والخطيب في " شرف أصحاب الحديث " (36 - 37) من طريق أبي يعلى وهذا في " مسنده " (13 / 2) والحاكم (4 / 85 - 86) وعنه الهروي في " ذم الكلام " (148 / 1) عن محمد بن أبي حميد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن
عمر مرفوعا. وقال: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: بل محمد ضعفوه ".
قلت: قد اتهمه البخاري بقوله فيه: " منكر الحديث " وقال النسائي: " ليس بثقة ".
فمثله في مرتبة من لا يستشهد بحديثه ولا يعتبر به كما بينه السيوطي في " تدريب الراوي " (ص 127) . فعلى هذا لا يصلح الحديث شاهدا للذي قبله، فلا أدري لم جزم الحافظ ابن كثير في " اختصار علوم الحديث " (ص 143) بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " فذكره واستدل به على جواز العمل بالوجادة، فلعله ظن أن ابن أبي حميد هذا ممن يستشهد به، أو أنه وقف له على طريق أو طرق أخرى يتقوى الحديث بها.
وحينئذ ينبغي النظر فيها، فإن صلح شيء منها للاستشهاد فبها، وإلا فنحن على ما تبين لنا الآن. والحديث عزاه في " الجامع الكبير " (3 / 170 / 2) لأبي يعلى والعقيلي والمرهبي في " العلم "
(2/103)
والحاكم، وتعقبه الحافظ ابن حجر في أطرافه بأن فيه محمد بن أبي حميد متروك الحديث، وقال في " المطالب العالية ": محمد ضعيف الحديث سيء الحفظ. وقال البزار: الصواب أنه عن زيد بن أسلم مرسل. وقد وجدت لابن أبي حميد متابعا، أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (427) عن المنهال بن بحر قال: حدثنا هشام بن أبي عبد الله عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن أسلم به.
وقال العقيلي: " المنهال في حديثه نظر، وهذا الحديث إنما يعرف لمحمد بن أبي حميد عن زيد بن أسلم وليس بمحفوظ من حديث يحيى بن أبي كثير، ولا يتابع منهالا عليه أحد ".
قلت: والمنهال هذا ذكره ابن عدي في " الكامل "، وأشار إلى تليينه، ووثقه أبو حاتم وابن حبان، فإن كان حفظه بهذا الإسناد، فعلته عنعنة يحيى بن أبي كثير، فإنه كان مدلسا، ولهذا أورده العقيلي في " الضعفاء " (466) فقال: " ذكر بالتدليس ".
وتبعه على ذلك الذهبي في " الميزان " وابن حجر في " التقريب "، ولا أستبعد أن يكون سمعه من ابن أبي حميد هذا فدلسه. والله أعلم.
وجملة القول أن هذا الإسناد ضعيف جدا لا يصلح للاستشهاد به، وقد وجدت للحديث طريقين آخرين، أحدهما تقدم قبل هذا، وهو خير من هذا، والآخر أشدهما ضعفا وهو:
649 - إن أشد أمتي حبا لي قوم يأتون من بعدي، يؤمنون بي ولم يروني، يعملون بما في الورق المعلق ".
موضوع بهذا اللفظ.
رواه ابن عساكر " في تاريخه " (ج 11 / 137 / 2) عن أحمد بن القاسم بن الريان اللكي المصري: أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط الأشجعي: حدثني أبي: حدثنا أبي قال: لما نسخ عثمان المصاحف قال له أبوهريرة: أصبت ووفقت، أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول. فذكره.
قال أحمد بن القاسم بن الريان: أخبرنا الواقدي أخبرنا ابن أبي سبرة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة به. كذا قال وقد سقط منه محمد بن سعد كاتب الواقدي. قلت: وهكذا وقع الحديث من الطريقين عن أبي هريرة في " نسخة نبيط بن شريط " (رقم 57 و58) ، وفيها بلايا، كما في ترجمة أحمد بن إسحاق بن إبراهيم هذا من " الميزان " وقال: " لا يحل الاحتجاج به فإنه كذاب ". وأقره الحافظ في " اللسان ". والراوي عنه أحمد بن القاسم بن الريان اللكي بضم اللام وتشديد الكاف نسبة إلى (اللك) بليدة من أعمال برقة الغرب.
وقال الذهبي: " لينه ابن ماكولا، وضعفه الدارقطني ".
(2/104)
ثم وقفت على طريق رابع للحديث ليس فيه الورق المعلق وسوف يأتي بلفظ: " يا أيها الناس من أعجب الخلق ... ". وإنما يصح من هذا الحديث والذي قبله بعضه، وهو في حديث أبي جمعة رضي الله عنه قال: تغدينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا أبو عبيدة بن الجراح فقال: يا رسول الله أحد منا خير منا؟ أسلمنا وجاهدنا معك، قال: نعم قوم يكونون من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني. رواه الدارمي (2 / 308) وأحمد (4 / 106)
والحاكم (4 / 85) وصححه ووافقه الذهبي. وأقول: إسناد الدارمي وأحد إسنادي أحمد صحيح إن شاء الله تعالى. وقد عزاه لهؤلاء الثلاثة السيوطي في " تدريب الراوي " (ص 150) بلفظ آخر، وهو سهو منه رحمه الله.
650 - " أحبوا قريشا، فإنه من أحبهم أحبه الله تعالى ".
ضعيف جدا.
رواه الحسن بن عرفة في " جزئه " (107 / 1) : حدثنا عيسى بن مرحوم بن عبد العزيز العطار: حدثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل الساعدي عن أبيه عن جده مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا. علته عبد المهيمن هذا، قال البخاري وأبو حاتم: " منكر الحديث ".
وقال النسائي (2 / 141) : " ليس بثقة " وفي موضع آخر: " متروك الحديث ". وقال ابن حبان (2 / 141) : " ينفرد عن أبيه بأشياء مناكير لا يتابع عليه من كثرة وهمه، فلما فحش ذلك في روايته بطل الاحتجاج به ". ومن طريقه أخرجه الطبراني في " الكبير " والبيهقي في " الشعب " كما في " فيض القدير ".
(2/105)
651 - " من أدهن ولم يسم أدهن معه سبعون شيطانا ".
كذب.
أخرجه ابن السني (رقم 170) عن بقية بن الوليد: حدثني مسلمة بن نافع: (1) حدثني أخي دويد بن نافع القرشي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، على إعضاله، فإن دويد بن نافع من أتباع التابعين روى عن عروة بن الزبير ونحوه. قال الحافظ في " التقريب ": " مقبول ". يعني عند المتابعة، وإلا فهو لين الحديث كما نص عليه في المقدمة. وأخوه مسلمة لم أجد له ترجمة، ولم يترجمه ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل ". وبقية مدلس وقد عنعنه، ومن عادته أن يروي عن الضعفاء والمتهمين ثم يدلسهم ويسقطهم من الإسناد، فلعل هذا الحديث أخذه عن بعض الوضاعين ثم أسقطه، ووهم بعض الرواة في هذا الإسناد فقال عنه: حدثني مسلمة ... فإن صح أنه سمعه منه فهو من شيوخه المجهولين.
__________
(1) الأصل: " سلمة بن رافع، والتصحيح من " الجرح والتعديل " و" تهذيب التهذيب " وغيرهما. اهـ.
(2/105)
والله أعلم.
وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 305) : " سألت أبي عن حديث رواه الحارث بن النعمان عن شعبة عن مسلمة بن نافع عن أخيه دويد بن نافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ادهن فلم يذكر اسم الله ادهن معه سبعون شيطانا "؟ قال: الحارث بن النعمان هذا كان يفتعل الحديث، وهذا حديث كذب، إنما روى هذا الحديث بقية عن مسلمة بن نافع ".
وهاتان فائدتان هامتان من هذا الإمام:
الأولى: أن الحارث بن النعمان كان يفتعل الحديث. وهذا مما لا تراه في شيء من كتب الرجال، بل خفي هذا النص على الحافظ الذهبي فقال في ترجمة الحارث هذا من " الميزان " وهو: " الحارث بن النعمان بن سالم الأكفاني " قال: " صدوق "! وأقره الحافظ في " التهذيب " وجزم به في " التقريب ". والله أعلم.
الثانية: الشهادة على هذا الحديث بأنه كذب، وهو حري بذلك.
652 - " ما من عبدين متحابين في الله يستقبل أحدهما صاحبه فيصافحه ويصليان على النبي صلى الله عليه وسلم إلا لم يتفرقا حتى يغفر الله لهما ذنوبهما ما تقدم منها وما تأخر ".
منكر جدا بهذا اللفظ.
رواه ابن السني (برقم 190) وابن حبان في " الضعفاء " (1 / 289) والباطرقاني في " جزء من حديثه " (165 / 1) عن درست بن حمزة: حدثنا مطر الوراق عن قتادة عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف درست بن حمزة، ويقال: ابن زياد العنبري قال ابن حبان: " كان منكر الحديث جدا، يروي عن مطر وغيره أشياء تتخايل إلى من يسمعها أنها موضوعة ".
وضعفه الدارقطني. وقتادة فيه تدليس وقد عنعنه. وقد جاءت أحاديث كثيرة عن جمع من الصحابة بمعنى هذا الحديث لكن ليس في شيء منها ذكر الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، ولا مغفرة ما تأخر أيضا من الذنوب، فدل ذلك على أن هذه الزيادة منكرة. والله أعلم.
والأحاديث المشار إليها أوردها المنذري (3 / 270 - 271) . ثم رأيت النووي قد أورد الحديث في " الأذكار " ساكتا عليه!
(2/106)
653 - " الصائم في عبادة وإن كان راقدا على فراشه ".
ضعيف.
رواه تمام (18 / 172 - 173) : أخبرنا أبو بكر يحيى بن عبد الله بن الزجاج قال: حدثنا أبو بكر محمد بن هارون بن محمد بن بكار بن بلال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن: حدثنا هاشم
(2/106)
بن أبي هريرة الحمصي عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن سلمان بن عامر الضبي مرفوعا. وهذا سند ضعيف يحيى الزجاج ومحمد بن هارون لم أجد من ذكرهما. وبقية رجاله ثقات غير هاشم بن أبي هريرة الحمصي ترجمه ابن أبي حاتم (4 / 2 / 105) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. قال:
" واسم أبي هريرة عيسى بن بشير ". وأورده في " الميزان " وقال: " لا يعرف، قال العقيلي: منكر الحديث ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " برواية الديلمي في " مسند الفردوس " عن أنس. وتعقبه المناوي بقوله: " وفيه محمد بن أحمد بن سهل، قال الذهبي في " الضعفاء ": قال ابن عدي: [هو] ممن يضع الحديث ". قلت: هو عند الديلمي (2 / 257) لكن طريق تمام ليس فيها هذا الوضاع كما مر، فهي تنقذ الحديث من إطلاق الوضع عليه. والله أعلم.
وقد رواه عبد الله بن أحمد في " زوائد الزهد " (ص 303) من قول أبي العالية موقوفا عليه بزيادة " ما لم يغتب ". وإسناده صحيح. فلعل هذا أصل الحديث موقوف، أخطأ بعض الضعفاء فرفعه. والله أعلم.
654 - " ثلاث من جاء بهن مع إيمان دخل أي أبواب الجنة شاء، وزوج من الحور العين حيث شاء، من عفا عن قاتله، وأدى دينا خفيا، وقرأ دبر كل صلاة مكتوبة عشر مرات (قل هو الله أحد) قال: فقال أبو بكر: أو إحداهن يا رسول الله؟ قال: أو إحداهن ".
ضعيف جدا.
أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (ق 105 / 2) والطبراني في " الأوسط " (ق 186 / 2) وأبو محمد الجوهري في " الفوائد المنتقاة " (4 / 2) وأبو محمد الخلال في " فضائل الإخلاص " (ق 201 / 2) عن عمر بن نبهان عن أبي شداد عن جابر مرفوعا. وقال الطبراني: " لا يروى هذا الحديث إلا بهذا الإسناد ". قلت: وهو ضعيف جدا، عمر بن نبهان، قال ابن معين. " ليس بشيء "، وقال ابن حبان في " الضعفاء " (2 / 90) : " يروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك ". وأبو شداد لم أعرفه. والحديث ساقه الحافظ ابن حجر في " نتائج الأفكار " (1 / 154 / 1) من طريق أبي يعلى وقال:
(2/107)
" هذا حديث غريب، أخرجه الطبراني في " كتاب الدعاء "، وأبو شداد لا يعرف اسمه ولا حاله، والراوي عنه ضعفه جماعة ". وقال الهيثمي في " المجمع " (10 / 102) : " رواه أبو يعلى وفيه عمر بن نبهان وهو متروك ". وقال المنذري في " الترغيب " (3 / 208) : " رواه الطبراني في " الأوسط " ورواه أيضا من حديث أم سلمة بنحوه ". وأشار إلى تضعيفه. وحديث أم سلمة أورده الهيثمي أيضا في " المجمع "، (9 / 302) وقال: " رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم ".
قلت: ورواه الدينوري عنها بلفظ " من كانت فيه واحدة ... " وسيأتي برقم (1276) وله شاهد من حديث ابن عباس مرفوعا مثل حديث جابر دون قول أبي بكر: " أو إحداهن.... " أخرجه ابن السني (رقم 132) من طريق عمرو بن خالد عن الخليل بن مرة عن إسماعيل بن إبراهيم الأنصاري عن عطاء عنه. قلت: وهذا أشد ضعفا من سابقه: الأنصاري مجهول، والخليل بن مرة ضعيف جدا، وعمرو بن خالد كذاب.
لكن أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (17 / 274 / 1) من طريق حماد بن عبد الرحمن: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأنصاري به. إلا أن حمادا هذا مما لا يفرح بمتابعته، قال أبو زرعة: " يروي أحاديث مناكير " وقال أبو حاتم: " شيخ مجهول، منكر الحديث، ضعيف الحديث ".
655 - " إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله احبسوا علي، يا عباد الله احبسوا علي، فإن لله في الأرض حاضرا سيحبسه عليكم ".
ضعيف.
رواه الطبراني (3 / 81 / 1) وأبو يعلى في " مسنده " (254 / 1) وعنه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (500) كلاهما من طريق معروف بن حسان السمرقندي عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عبد الله بن بريدة (1) عن عبد الله بن مسعود مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، وفيه علتان:
__________
(1) هكذا هو في " الطبراني " ووقع في ابن السني: " عن ابن بردة عن أبيه " والظاهر أنه خطأ من بعض النساخ كما يشعر بذلك كلام الحافظ الآتي. والله أعلم. اهـ.
(2/108)
الأولى: معروف هذا، فإنه غير معروف! قال ابن أبي حاتم (4 / 1 / 333) عن أبيه إنه " مجهول ".
وأما ابن عدي فقال: إنه " منكر الحديث "، وبهذا أعله الهيثمي (10 / 132) ، فقال بعد أن عزاه لأبي يعلى والطبراني: " وفيه معروف بن حسان وهو ضعيف ". الثانية: الانقطاع، وبه أعله الحافظ ابن حجر فقال: " حديث غريب، أخرجه ابن السني والطبراني، وفي السند انقطاع بين ابن بريدة وابن مسعود ". نقله ابن علان في " شرح الأذكار " (5 / 150) . وقال الحافظ السخاوي في " الابتهاج بأذكار المسافر والحاج " (ص 39) : " وسنده ضعيف، لكن قال النووي: إنه جربه هو وبعض أكابر شيوخه ". قلت: العبادات لا تؤخذ من التجارب، سيما ما كان منها في أمر غيبي كهذا الحديث، فلا يجوز الميل إلى تصحيحه بالتجربة! كيف وقد تمسك به بعضهم في جواز الاستغاثة بالموتى عند الشدائد وهو شرك خالص. والله المستعان.
وما أحسن ما روى الهروي في " ذم الكلام " (4 / 68 / 1) أن عبد الله بن المبارك ضل في بعض أسفاره في طريق، وكان قد بلغه أن من اضطر (كذا الأصل، ولعل الصواب: ضل) في مفازة فنادى: عباد الله أعينوني! أعين، قال فجعلت أطلب الجزء أنظر إسناده. قال الهروي: فلم يستجز. أن يدعو بدعاء لا يرى إسناده ". قلت: فهكذا فليكن الاتباع. ومثله في الحسن ما قال العلامة الشوكاني في " تحفة الذاكرين " (ص 140) بمثل هذه المناسبة: " وأقول: السنة لا تثبت بمجرد التجربة، ولا يخرج الفاعل للشيء معتقدا أنه سنة عن كونه مبتدعا.
وقبول الدعاء لا يدل على أن سبب القبول ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد يجيب الله الدعاء من غير توسل بسنة وهو أرحم الراحمين، وقد تكون الاستجابة استدراجا ".
وللحديث طريق آخر معضل، أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (12 / 153 / 2) عن محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره نحوه. وهذا مع إعضاله، فيه ابن إسحاق وهو مدلس وقد عنعنه، والأصح عن أبان عن مجاهد عن ابن عباس موقوفا عليه كما يأتي بيانه في آخر الحديث التالي.
656 - " إذا أضل أحدكم شيئا، أو أراد أحدكم غوثا، وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل: يا عباد الله أغيثوني، يا عباد الله أغيثوني، فإن لله عبادا لا نراهم ".
(2/109)
ضعيف. رواه الطبراني في " الكبير " (مجموع 6 / 55 / 1) : حدثنا الحسين بن إسحاق: حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي: حدثنا عبد الرحمن بن شريك قال: حدثني أبي عن عبد الله بن عيسى عن ابن علي عن عتبة بن غزوان عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وزاد في آخره: " وقد جرب ذلك ". قلت: وهذا سند ضعيف. وفيه علل:
1 و2 - عبد الرحمن بن شريك وهو ابن عبد الله القاضي وأبوه كلاهما ضعيف، قال الحافظ في الأول منهما: " صدوق يخطيء ".
وقال في أبيه: " صدوق يخطيء كثيرا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة ". وقد أشار إلى هذا الهيثمي بقوله في " المجمع " (10 / 132) : " رواه الطبراني ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم، إلا أن يزيد (كذا) بن علي لم يدرك عتبة ".
3 - الانقطاع بين عتبة وابن علي، هكذا وقع في أصلنا الذي نقلنا منه الحديث (ابن علي) غير مسمى، وقد سماه الهيثمي كما سبق (يزيد) ، وأنا أظنه وهما من الناسخ أو الطابع، فإنه ليس في الرواة من يسمى (يزيد بن علي) والصواب (زيد بن علي) وهو زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ولد سنة ثمانين، ومات عتبة سنة عشرين على أوسع الأقوال فبين وفاته وولادة زيد بن علي دهر طويل!
وقال الحافظ ابن حجر في " تخريج الأذكار ": " أخرجه الطبراني بسند منقطع عن عتبة بن غزوان مرفوعا وزاد في آخره " وقد جرب ذلك ". ثم قال الحافظ: " كذا في الأصل، أي الأصل المنقول منه هذا الحديث من كتاب الطبراني، ولم أعرف تعيين قائله، ولعله مصنف المعجم، والله أعلم ".
فقد اقتصر الحافظ على إعلاله بالانقطاع، وهو قصور واضح لما عرفت من العلتين الأوليين.
وأما دعوى الطبراني رحمه الله بأن الحديث قد جرب، فلا يجوز الاعتماد عليها، لأن العبادات لا تثبت بالتجربة، كما سبق بيانه في الحديث الذي قبله. ومع أن هذا الحديث ضعيف كالذي قبله، فليس فيه دليل على جواز الاستغاثة بالموتى من الأولياء والصالحين، لأنهما صريحان بأن المقصود بـ " عباد الله " فيهما خلق من غير البشر، بدليل قوله في الحديث الأول: " فإن لله في الأرض حاضرا سيحبسه عليهم ". وقوله في هذا الحديث: " فإن لله عبادا لا نراهم ".
(2/110)
وهذا الوصف إنما ينطبق على الملائكة أو الجن، لأنهم الذين لا نراهم عادة، وقد جاء في حديث آخر تعيين أنهم طائفة من الملائكة. أخرجه البزار عن ابن عباس بلفظ:
" إن لله تعالى ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر، فإذا أصابت أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله أعينوني ".
قال الحافظ كما في " شرح ابن علان " (5 / 151) : " هذا حديث حسن الإسناد غريب جدا، أخرجه البزار وقال: لا نعلم يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد ".
وحسنه السخاوي أيضا في " الابتهاج " وقال الهيثمي: " رجاله ثقات ". قلت: ورواه البيهقي في " الشعب " موقوفا كما يأتي.
فهذا الحديث - إذا صح - يعين أن المراد بقوله في الحديث الأول " يا عباد الله " إنما هم الملائكة، فلا يجوز أن يلحق بهم المسلمون من الجن أو الإنس ممن يسمونهم برجال الغيب من الأولياء والصالحين، سواء كانوا أحياء أو أمواتا، فإن الاستغاثة بهم وطلب العون منهم شرك بين لأنهم لا يسمعون الدعاء، ولوسمعوا لما استطاعوا الاستجابة وتحقيق الرغبة، وهذا صريح في آيات كثيرة، منها قوله تبارك وتعالى:
(والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير، إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم، ولوسمعوا ما استجابوا لكم، ويوم القيامة يكفرون بشرككم، ولا ينبئك مثل خبير) (فاطر 13 - 14) .
هذا، ويبدو أن حديث ابن عباس الذي حسنه الحافظ كان الإمام أحمد يقويه، لأنه قد عمل به، فقال ابنه عبد الله في " المسائل " (217) : " سمعت أبي يقول: حججت خمس حجج منها ثنتين [راكبا] وثلاثة ماشيا، أو ثنتين ماشيا وثلاثة راكبا، فضللت الطريق في حجة وكنت ماشيا، فجعلت أقول: (يا عباد الله دلونا على الطريق!) فلم أزل أقول ذلك حتى وقعت على الطريق.
أو كما قال أبي، ورواه البيهقي في " الشعب " (2 / 455 / 2) وابن عساكر (3 / 72 / 1) من طريق عبد الله بسند صحيح. وبعد كتابة ما سبق وقفت على إسناد البزاز في " زوائده " (ص 303) : حدثنا موسى بن إسحاق: حدثنا منجاب بن الحارث: حدثنا حاتم بن إسماعيل عن أسامة بن زيد [عن أبان] ابن صالح عن مجاهد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.
قلت: وهذا إسناد حسن كما قالوا، فإن رجاله كلهم ثقات غير أسامة بن زيد وهو الليثي وهو من رجال مسلم، على ضعف في حفظه، قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يهم ".
وموسى بن إسحاق هو أبو بكر الأنصاري ثقة، ترجمه الخطيب البغدادي في " تاريخه " (13 / 52 - 54) ترجمة جيدة.
(2/111)
نعم خالفه جعفر بن عون فقال: حدثنا أسامة بن زيد.... فذكره موقوفا على ابن عباس. أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (2 / 455 / 1) . وجعفر بن عون أو ثق من حاتم بن إسماعيل، فإنهما وإن كانا من رجال
الشيخين، فالأول منهما لم يجرح بشيء، بخلاف الآخر، فقد قال فيه النسائي: ليس بالقوي. وقال غيره: كانت فيه غفلة. ولذلك قال فيه الحافظ: " صحيح الكتاب، صدوق يهم ". وقال في جعفر: " صدوق ". ولذلك فالحديث عندي معلول بالمخالفة، والأرجح أنه موقوف، وليس هو من الأحاديث التي يمكن القطع بأنها في حكم المرفوع، لاحتمال أن يكون ابن عباس تلقاها من مسلمة أهل الكتاب. والله أعلم.
ولعل الحافظ ابن حجر رحمه الله لواطلع على هذه الطريق الموقوفة، لانكشفت له العلة، وأعله بالوقف كما فعلت، ولأغناه ذلك عن استغرابه جدا، والله أعلم.
657 - " من ترك أربع جمعات من غير عذر، فقد نبذ الإسلام وراء ظهره ".
ضعيف.
أخرجه ابن الحمامي الصوفي في " منتخب من مسموعاته " (ق 34 / 1) من طريق شريك عن عوف الأعرابي عن سعيد بن أبي الحسن عن ابن عباس مرفوعا.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، لأن شريكا هذا وهو ابن عبد الله القاضي ضعفوه لسوء حفظه.
لاسيما وقد خولف في لفظه ورفعه، فقال أبو يعلى في " مسنده " (2 / 719) : حدثنا حميد بن مسعدة: أخبرنا سفيان بن حبيب عن عوف به موقفا على ابن عباس بلفظ:
" من ترك الجمعة ثلاث جمع متواليات، فقد نبذ.... " إلخ.
قلت: وهو إسناد صحيح كما قال المنذري (1 / 261) ، ورجاله ثقات رجال مسلم غير سفيان بن حبيب، وهو ثقة أخرج له البخاري في " الأدب المفرد " ومنه تعلم خطأ الهيثمي في إطلاقه قوله (2 / 193) :
" ورجاله رجال الصحيح ". والحديث أورده الغزالي في " الإحياء " (1 / 160) مرفوعا بلفظ: " ثلاث "، فقال مخرجه الحافظ العراقي: " رواه البيهقي في " الشعب " من حديث ابن عباس ".
قلت: فهذا يدل بظاهره أنه مرفوع عند البيهقي فليراجع من استطاع إسناده في " شعب الإيمان "، فإنه لا يزال غالبه غير مطبوع حتى الآن. وقد أخرجه الشافعي في " مسنده " (رقم 381 - ترتيب السندي) : أخبرنا إبراهيم بن محمد: حدثني صفوان بن سليم عن إبراهيم بن عبد الله بن سعيد عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: " من ترك الجمعة من غير ضرورة كتب منافقا في كتاب لا يمحى ولا يبدل ". وفي بعض
(2/112)
الحديث: (ثلاثا) . قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا إبراهيم بن محمد وهو ابن أبي يحيى المدني متروك. وأما إبراهيم بن عبد الله بن سعيد عن أبيه، فلم أعرفهما، ولم يترجمهما الحافظ في " التعجيل ". والله أعلم.
658 - " عج حجر إلى الله تعالى فقال: إلهي وسيدي عبدتك منذ كذا وكذا سنة (وفي رواية: ألف سنة) ، ثم جعلتني في أس كنيف؟ فقال: أو ما ترضى أن عدلت بك عن مجالس القضاة؟ ".
موضوع.
أخرجه تمام الرازي في " الفوائد " (5 / 58 / 2 من مجموع الظاهرية رقم 92) ومن طريقه ابن عساكر في " تاريخه " (15 / 324 / 1 - 2) من طريق أبي معاوية عبيد الله بن محمد القري المؤدب قال مرة: حدثنا محمود بن خالد: حدثنا عمر عن الأوزاعي، ومرة قال: عبد الرحمن بن إبراهيم: حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا.
وقال الرازي: " هذا حديث منكر، وأبو معاوية القري هذا ضعيف وكان يحدث بهذا الحديث بالإسنادين جميعا ". وأقره الشيخ أحمد بن عز الدين بن عبد السلام في " النصيحة بما أبدته القريحة " (ق 41 / 1) .
والحديث ذكره السيوطي في " الجامع " من رواية تمام وابن عساكر عن أبي هريرة. وتعقبه شارحه المناوي بكلام الرازي هذا، ونقل الحافظ في " اللسان " عن ابن عساكر أنه قال فيه: " كان ضعيفا ".
ثم رأيت السيوطي قد أورد الحديث في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (رقم 632) من رواية تمام وإنكاره للحديث. ووافقه ابن عراق فأورده في " تنزيه الشريعة " (315 / 2) وقال: " قال الذهبي في " تلخيص الواهيات "، وابن حجر في " لسان الميزان ": هذا موضوع ".
(2/113)
659 - " أيما شاب تزوج في حداثة سنه، عج شيطانه: يا ويله عصم مني دينه ".
موضوع.
رواه أبو يعلى في " مسنده " (ق 115 / 1) ومن طريقه ابن حبان في " الضعفاء " (1 / 275) والطبراني في " الأوسط " (1 / 162 / 2 من الجمع بين زوائده وزوائد " الصغير ") وابن زيدان في " مسنده " (20 / 1) والخطيب (8 / 33) وابن عساكر (8 / 506 / 1) عن خالد بن إسماعيل المخزومي: حدثنا عبيد الله بن عمر عن صالح بن أبي صالح مولى التوأمة عن جابر مرفوعا به.
(2/113)
قلت: وهذا موضوع، وله آفتان: الأولى: صالح هذا، فإنه ضعيف، ولكن الحمل فيه على غيره. الثانية: خالد هذا وكنيته أبو الوليد، قال ابن حبان: " روى عن عبيد الله بن عمر العجائب، لا يجوز الاحتجاج به بحال، ولا الرواية عنه ". وقال الذهبي: " قال ابن عدي: كان يضع الحديث، وقال الدارقطني: متروك ".
ولهذا وصفه الذهبي في " الكنى " من " ميزانه " بأنه " الكذاب ". وقال الحافظ محمد بن عبد الهادي تلميذ ابن تيمية في بعض أبحاثه في التفسير والحديث (1) :
" هذا حديث موضوع، وخالد بن إسماعيل المخزومي متروك " وقال الهيثمي في " المجمع " (4 / 253) : " رواه أبو يعلى والطبراني في " الأوسط " وفيه خالد بن إسماعيل المخزومي وهو متروك ". قلت: وقد تابعه عصمة بن محمد بن عبيد الله بن عمر به. أخرجه ابن عساكر (18 / 76 / 1) ، ولكنها متابعة لا تسمن ولا تغني من جوع
، فإن عصمة هذا حاله كحال المخزومي، فقال الدارقطني وغيره: " متروك ". وقال يحيى: " كذاب يضع الحديث ".
660 - " كان إذا صلى مسح بيده اليمنى على رأسه ويقول: بسم الله الذي لا إله غيره الرحمن الرحيم، اللهم أذهب عني الهم والحزن ".
ضعيف جدا.
رواه الطبراني في " الأوسط " (ص 451 - زوائده نسخة الحرم المكي) والخطيب (12 / 480) عن كثير بن سليم أبي سلمة سمعت أنسا به. قلت: وهذا سند ضعيف جدا من أجل كثير هذا، قال البخاري وأبو حاتم: " منكر الحديث "
. وقال النسائي والأزدي: " متروك ". وضعفه غيرهم. والحديث أورده السيوطي في " الجامع " عن الخطيب ولم يتعقبه الشارح بشيء. وقد وجدت له طريقا آخر، رواه ابن السني (رقم 110) وأبو نعيم في " الحلية " (2 / 301) عن سلامة عن زيد العمي عن معاوية بن قرة عن أنس. وهذا موضوع، سلامة هو الطويل كذاب.
__________
(1) مخطوط في المكتبة الظاهرية بدمشق (حديث 405 / 225 / 1) . اهـ.
(2/114)
661 - " كنت أول النبيين في الخلق، وآخرهم في البعث، [فبدأ بي قبلهم] ".
ضعيف.
رواه تمام في " فوائده " (8 / 126 / 1) وأبو نعيم في " الدلائل " (ص 6) والثعلبي في " تفسيره " (3 / 93 / 1) من طريق سعيد بن بشير: حدثنا قتادة عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، وله علتان: الأولى: عنعنة الحسن. الثانية: سعيد بن بشير، قال الحافظ: " ضعيف ".
وخالفه أبوهلال فقال: عن قتادة مرسلا، فلم يذكر فيه الحسن عن أبي هريرة.
أخرجه ابن سعد (1 / 149) . والحديث أورده ابن كثير من رواية ابن أبي حاتم من الوجه الأول، وفيه الزيادة التي بين القوسين [] ، ثم قال ابن كثير: " سعيد بن بشير فيه ضعف، وقد رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به مرسلا، وهو أشبه، ورواه بعضهم عن قتادة موقوفا ".
وعزاه المناوي لابن لال والديلمي كلهم من حديث سعيد بن بشير به، ثم قال: " وسعيد بن بشير ضعفه ابن معين وغيره ".
قلت: وفي ترجمته أورد الذهبي هذا الحديث من غرائبه! ويغني عن هذا الحديث قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد ". رواه أحمد في " السنة " (ص 111) عن ميسرة الفجر. وسنده صحيح، ولكن لا دلالة فيه ولا في الذي قبله على أن النبي صلى الله عليه وسلم أول خلق الله تعالى، خلافا لما يظن البعض. وهذا ظاهر بأدنى تأمل.
(2/115)
662 - " صنفان من أمتي لا تنالهما شفاعتي، القدرية والمرجئة. قلت يا رسول الله: ما المرجئة؟ قال: قوم يزعمون أن الإيمان قول بلا عمل. قلت: ما القدرية؟ قال: الذين يقولون المشيئة إلينا ".
موضوع بهذا التمام.
رواه الخطيب في " المتشابه في الرسم " (144 / 1) عن الحسن بن سعيد المطوعي: أخبرنا عبدان العسكري حدثنا الحسن بن علي بن بحر أخبرنا إسماعيل بن داود الجزري: أخبرنا أبو عمران الموصلي عن أنس مرفوعا.
قلت: وهذا إسناد موضوع، أبو عمران اسمه سعيد بن ميسرة، قال البخاري:
(2/115)
" منكر الحديث ". وقال ابن حبان (1 / 313) : " يقال إنه لم ير أنسا. وكان يروي عنه الموضوعات التي لا تشبه أحاديثه، كأنه كان يروي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يسمع القصاص يذكرونه في القصص ". وقال الحاكم: " روى عن أنس موضوعات ". وكذبه يحيى القطان. وبقية الرواة لم أعرف منهم غير عبدان.
والحديث أورد السيوطي شطره الأول في " الجامع " دون قوله: " قلت: يا رسول الله.... ". وعزاه لأبي نعيم في " الحلية " عن أنس، والطبراني في " الأوسط " عن واثلة وعن جابر، وهو في " الحلية " (9 / 254) من طريق عبد الحكم بن ميسرة: حدثنا سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس مرفوعا. وهذا سند ضعيف: عبد الحكم هذا ضعفه الدارقطني فقال: " يحدث بما لا يتابع عليه ". وذكره النسائي في " كتاب الضعفاء " كما في " اللسان ". ولم أره في " ضعفاء النسائي " المطبوع في الهند. والله أعلم. وفي حديث واثلة عند الطبراني محمد بن محصن
وهو متهم: وفي حديث جابر عنده بحر بن كنيز السقاء، وهو متروك انظر " المجمع " (7 / 206) .
663 - " لا راحة للمؤمن دون لقاء الله عز وجل ".
لا أصل له مرفوعا.
وإنما رواه الإمام أحمد في " الزهد " (ص 156) من طريق إبراهيم قال: قال عبد الله فذكره. وهذا إسناد رجاله ثقات كلهم وظاهره الانقطاع بين إبراهيم، وهو النخعي وعبد الله وهو ابن مسعود، لكن قال الحافظ أبو سعيد العلائي في النخعي: " هو مكثر من الإرسال، وجماعة من الأئمة صححوا مراسيله، وخص البيهقي ذلك بما أرسله عن ابن مسعود ".
قلت: وذلك لما رواه الأعمش قال: قلت لإبراهيم: أسند لي عن ابن مسعود. فقال إبراهيم: إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله فهو الذي سمعت، وإذا قلت: " قال عبد الله " فهو عن غير واحد عن عبد الله ". ذكره في " التهذيب ". فمثل هذا الإسناد يمكن تحسينه. والله أعلم. وقال السيوطي في " الدرر ": " أورده في " الفردوس "
عن أبي هريرة مرفوعا ولم يسنده ". ثم رأيته في " حديث أبي الحسن الأخميمي " (2 / 63 / 1) من طريق سفيان الثوري عن العلاء بن المسيب عن أبيه قال: قال عبد الله بن مسعود:
(2/116)
" ليس للمؤمن راحة دون لقاء الله، فمن كانت راحته في لقاء الله عز وجل فكأن قد ". فهذه طريق أخرى موقوفة على ابن مسعود، فهو عنه صحيح إن شاء الله تعالى.
664 - " من كنوز البر كتمان المصائب، وما صبر من بث ".
موضوع.
رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 42) عن داود بن المحبر: حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن القرشي: حدثنا عبد الله بن الأسود الأصبهاني عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، أورده أبو نعيم في ترجمة عبد الله بن الأسود هذا ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، لكن عنبسة وداود كلاهما كذاب، فأحدهما آفته.
(2/117)
665 - " الصدقة تمنع ميتة السوء ".
ضعيف.
رواه أبو عبد الله القاضي الفلاكي في " فوائده " (87 / 2) : أخبرنا عمر بن القاسم المقري: أخبرنا القاسم بن أحمد الملطي: حدثنا لوين: حدثنا جرير عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا.
قلت: وهذا إسناد موضوع، المتهم به الملطي هذا وهو القاسم بن إبراهيم، وما في الأصل " ابن أحمد " خطأ، فإن الذي يروي عن لوين وعنه عمر بن القاسم هو القاسم بن إبراهيم وهو كذاب، وبقية رجال الإسناد ثقات معروفون، غير عمر بن القاسم المقري وهو صدوق كما قال الخطيب (11 / 269) .
والحديث عزاه في " الجامع " للقضاعي عن أبي هريرة، وقال شارحه المناوي: " قال ابن حجر: فيه من لا يعرف، وبه يرد قول العامري: صحيح ". قلت: ولعل تصحيح العامري من أجل شاهده الذي أخرجه الترمذي (2 / 23) عن أنس مرفوعا بلفظ " تدفع " وقال: " غريب ".
قلت: وفيه عبد الله بن عيسى الخزاز، قال النسائي: " ليس بثقة ". فلا يصلح إذن حديثه للشواهد. وسيأتي إن شاء الله.
(2/117)
666 - " حاكوا الباعة فإنه لا ذمة لهم ".
لا أصل له بهذا اللفظ.
غير أن الحافظ ابن حجر قال: " ورد بسند ضعيف، لكن بلفظ: (ماكسوا الباعة فإنه لا خلاق لهم) ". قال: وورد بسند قوي عن الثوري أنه قال: كان يقال: وذكره ". كذا في " المقاصد الحسنة " للسخاوي (ص 179) .
(2/117)
667 - " غبن المسترسل حرام ".
ضعيف جدا.
رواه الطبراني في " الكبير " عن أبي أمامة مرفوعا. قال الهيثمي (4 / 76) : " وفيه موسى بن عمير الأعمى، وهو ضعيف جدا ". ولهذا قال في " المقاصد ": " وسنده ضعيف جدا ". وزاد عليه في " كشف الخفاء " (1 / 342) : " ورواه أحمد بلفظ: ما زاد التاجر على المسترسل فهو ربا ".
قلت: لم أره في " المسند "، ولم يعزه إليه الهيثمي، وهو على شرطه. فالله أعلم.
وموسى هذا قال الحافظ: " متروك وقد كذبه أبو حاتم " وفي الميزان ": " قال أبو حاتم: ذاهب الحديث كذاب. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابعه عليه الثقات ". ثم ساق الذهبي أحاديث، هذا أحدها. وقد روى الحديث البيهقي في " سننه " (5 / 348 - 349) من هذا الوجه بنحوه ثم قال: " موسى بن عمير تكلموا فيه، وقد روي معناه عن يعيش بن هشام القرقساني عن مالك، واختلف عليه في إسناده، وهو أضعف من هذا ". قلت: يعني الحديث الآتي:
(2/118)
668 - " غبن المسترسل ربا ".
باطل.
رواه البيهقي (5 / 349) عن يعيش بن هشام عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر مرفوعا. وعنه عن مالك عن الزهري عن أنس مرفوعا. وعنه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي مرفوعا. وضعفه البيهقي جدا كما سبق في الذي قبله. وعلته يعيش هذا، ضعفه ابن عساكر كما في " الميزان " وكذا الدارقطني فإنه قال - بعد أن أورد له في " غرائب مالك " هذا الحديث -: " هذا باطل بهذا الإسناد، ومن دون مالك ضعفاء ". وقال في موضع آخر: " مجهولون " كما في " اللسان ".
ومنه تعلم أن قول الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (2 / 72 - 73) :
" رواه الطبراني من حديث أبي أمامة بسند ضعيف، والبيهقي من حديث جابر بسند جيد، وقال: (ربا) بدل (حرام) ". قلت: فهو غير مسلم في الحديثين، أما الأول فلما سبق من شدة ضعفه، وأما الثاني فلقول الحافظ الدارقطني: إنه باطل من هذا الوجه. فمن أين له الجودة؟! .
(2/118)
669 - " عليكم بالعمائم فإنها سيما الملائكة، وأرخوها خلف ظهوركم ".
منكر.
أخرجه الطبراني في " الكبير " (3 / 201 / 1) من طريق محمد بن الفرج المصري: حدثنا عيسى بن يونس عن مالك بن مغول عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. وأورده الذهبي بإسناده إلى الطبراني، ذكره في ترجمة محمد بن الفرج
هذا وقال: " أتى بخبر منكر ". ثم ساقه. وأقره الحافظ في " اللسان ".
وعيسى بن يونس ليس هو ابن أبي إسحق السبيعي، بل هو عيسى بن يونس الرملي، وكلاهما ثقة. وقول المناوي عن الدارقطني: " ضعيف " فمن الظاهر أنه عنى رجلا آخر غير الرملي، والظاهر عندي ما ذكرته. والله أعلم.
والحديث خولف فيه محمد بن الفرج، فرواه ابن عدي (29 / 1) عن يعقوب بن كعب: حدثنا عيسى بن يونس عن الأحوص بن حكيم عن خالد بن معدان عن عبادة مرفوعا.
قلت: وهذا أصح فإن يعقوب بن كعب وهو الحلبي ثقة، فروايته مقدمة على رواية ابن الفرج المجهول، لكن الأحوص بن حكيم ضعيف من قبل حفظه، فهو علة هذه الطريق.
والحديث عزاه السيوطي للبيهقي في " الشعب " عن عبادة قال المناوي: " وكذا رواه ابن عدي كلاهما من حديث الأحوص بن حكيم عن خالد بن معدان عن عبادة قال الزين العراقي في " شرح الترمذي ": والأحوص ضعيف ". والحديث ضعفه السخاوي في " المقاصد " في أحاديث ذكرها في فضل العمامة، قال: " وكله ضعيف، وبعضه أوهى من بعض ".
(2/119)
670 - " لواستقبلت من أمري ما استدبرت لأخذت فضول الأغنياء فقسمتها على فقراء المهاجرين ".
لا أصل له مرفوعا.
وإنما روي عن عمر، فقال ابن حزم في " المحلى " (6 / 158) " وروينا من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه
: فذكره، وقال ابن حزم: وهذا إسناد في غاية الصحة والجلالة ".
وأقول: كلا فإن من شروط الإسناد الصحيح أن يخلو من علة قادحة. وهذا ليس كذلك، فإن حبيب بن أبي ثابت على جلالة قدره قال الحافظ في ترجمته من " التقريب ": " كان كثير الإرسال والتدليس "! وأورده في " طبقات المدلسين " في الطبقة الثالثة وهي في " من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع ... " فقال (ص 12) :
(2/119)
" تابعي مشهور يكثر التدليس، وصفه بذلك ابن خزيمة والدارقطني وغيرهما، ونقل أبو بكر بن عياش عن الأعمش عنه أنه كان يقول: " لوأن رجلا حدثني عنك، ما باليت أن رويته عنك ". يعني وأسقطه من الوسط ". فمثله لا يحتج بروايته، إلا إذا صرح بالتحديث. وهو في هذه الرواية قد عنعن فهي مردودة.
671 - " ذاكر الله في الغافلين مثل الذي يقاتل عن الفارين، وذاكر الله في الغافلين مثل الشجرة الخضراء في وسط الشجر الذي قد تحات ورقه من الضريب. (قال يحيى بن سليم: يعني بـ " الضريب " البرد الشديد) ، وذاكر الله في الغافلين يغفر له بعدد كل فصيح وأعجم. (قال: فالفصيح بنوآدم، والأعجم البهائم) ، وذاكر الله في الغافلين يعرفه الله عز وجل مقعده من الجنة ".
ضعيف جدا.
رواه الحسن بن عرفة في " جزئه " (96 / 1 - 2) : حدثنا يحيى بن سليم الطائفي قال: سمعت عمران بن مسلم وعباد بن كثير يحدثان عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر مرفوعا.
وكذلك رواه الخطابي في " غريب الحديث " (1 / 8 / 2) والحافظ ابن عساكر في " فضيلة ذكر الله عز وجل " (94 / 2 مجموع 24) من طريق أخرى عن الطائفي به، إلا أنه أسقط من إسناده عباد بن كثير، ثم قال:
" هذا حديث غريب ". ورواه أبو نعيم (6 / 181) من طريق الحسن بن عرفة، وإلى أبي نعيم فقط عزاه السيوطي في " الجامع "، فلو عزاه إلى ابن عرفة كان أولى، قال الشارح: " وكذا رواه البيهقي في " الشعب " عن ابن عمر، قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف، أي وذلك لأن فيه عمران بن مسلم القصير، قال في " الميزان ": قال البخاري: منكر الحديث. ثم أورد له هذا الخبر ".
قلت: الذهبي إنما أورد الحديث في ترجمة " عمران بن مسلم " الذي قبل ترجمة " عمران بن مسلم القصير "، وهذا قد روى عنه البخاري في " صحيحه "،
والأول قال فيه: " منكر الحديث ". فهذا دليل على أنه فرق بينهما، وكذا فرق بينهما جماعة، فعليه جرى الذهبي. وقول البخاري فيه " منكر الحديث " يشير إلى أنه ضعيف جدا، ولا يفيده متابعة عباد بن كثير، فإنه متهم كما سبق مرارا. وكذلك لا يعطيه شيئا من القوة الشاهد الذي ذكره السيوطي قبله، لشدة ضعفه وهو الآتي:
(2/120)
672 - " ذاكر الله في الغافلين بمنزلة الصابر في الفارين ".
ضعيف جدا.
رواه الطبراني (3 / 49 / 2) وعنه أبو نعيم (4 / 268) عن الواقدي قال: حدثنا هشام بن سعد عن محصن بن علي عن عون بن عبد الله بن عتبة عن أبيه عن ابن مسعود مرفوعا.
وقال أبو نعيم: " غريب من حديث عون متصلا مرفوعا لم يرو هـ عنه إلا محصن ولم نكتبه إلا من هذا الوجه ". قلت: وهذا سند موضوع، الواقدي متهم بالكذب كما سبق مرارا، ومحصن بن علي مجهول. لكن قال الهيثمي (10 / 80 - 81) بعد أن ساقه عن ابن مسعود: " رواه الطبراني " الكبير " و" الأوسط " والبزار ورجال " الأوسط " وثقوا ".
وأستبعد جدا أن يقول هذا في سند " الأوسط " وفيه أيضا الواقدي، فالظاهر أنه ليس في سنده الواقدي، ولكن يشكل عليه قول أبي نعيم السابق: " ولم نكتبه إلا من هذا الوجه ". فلعله - أعني أبا نعيم - لم يسمعه من الطبراني من الطريق الثاني. والله أعلم.
ثم رأيته في " زوائد البزار " (ص 295) من طريق إبراهيم بن محمد بن أبي عطاء عن محصن بن علي به نحوه. وقال: " لا نعلمه يروى عن ابن مسعود إلا بهذا الإسناد ".
قلت: وإبراهيم هذا هو ابن محمد بن أبي يحيى الأسلمي متروك. وقد رأيت الحديث في " الزهد " (ص 328) للإمام أحمد رواه بإسناد حسن عن حسان بن أبي سنان قال: فذكره موقوفا عليه. فلعل هذا هو أصل الحديث موقوف، فرفعه بعض الرواة خطأ. والله أعلم.
(2/121)
673 - " قسم من الله عز وجل: لا يدخل الجنة بخيل ".
موضوع.
رواه تمام في " فوائده " (2 / 60 / 1 من مجموع الظاهرية رقم 93) وعنه ابن عساكر (16 / 203 / 1) من طريق محمد بن زكريا الغلابي: حدثنا العباس بن بكار: حدثنا أبو بكر الهذلي عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا.
وقال ابن عساكر: " غريب جدا والغلابي ضعيف ".
قلت: بل موضوع، والغلابي يضع الحديث كما قال الدارقطني. وأبو بكر الهذلي ضعيف جدا، قال ابن معين وغيره: " لم يكن بثقة ". والحديث أورده " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر عن ابن عباس، وهو قصور بين، ولم يتكلم عليه شارحه بشيء.
(2/121)
674 - " المغبون لا محمود ولا مأجور ".
ضعيف.
وله طريقان: الأول: عن علي، أخرجه الخطيب في " تاريخه " (4 / 212) عن أبي القاسم الأبندوني عن أحمد بن طاهر بن عبد الرحمن أبي الحسن البغدادي بسنده عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي، وقال الخطيب: "
سمعت الأبندوني وقد سئل عن حال شيخه هذا؟ فقال:
لو قيل [له] حدثكم أبو بكر الصديق، لقال نعم، وضعفه ". وله عنه طريق آخر، أخرجه البغوي في " حديث كامل بن طلحة " (2 / 2) وأبو حفص الكتاني في " جزء من حديثه " (41 / 2) وأبو القاسم السمرقندي في " ما قرب سنده " (4 / 1) وعنه ابن عساكر في " تاريخه " (4 / 265 / 1) والشيخ علي بن الحسن العبدي في " جزئه " (156 - 157) وابن عساكر أيضا (4 / 265 / 1) و (5 / 6 / 1) كلهم من طريق أبي هاشم القناد البصري عن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه مرفوعا. وهكذا أخرجه الخطيب (4 / 180) وكذا أبو يعلى إلا أنه لم يقل: " عن أبيه " فهو عنده من مسند الحسن بن علي كما ذكره الهيثمي (4 / 75 - 76) ومن قبله الذهبي في ترجمة أبي هشام هذا من كنى " الميزان " وقال: " لا يعرف، وخبره منكر ".
ثم ساق هذا الحديث، وأقره الحافظ العراقي (2 / 73) . الثاني: عن الحسن بن علي رضي الله عنهما. أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (4 / 1 / 152) والطبراني (1 / 272 / 2) عن طلحة بن كامل عن محمد بن هشام عن عبد الله بن الحسن بن الحسن عن أبيه عن جده مرفوعا.
قلت: ورجاله موثقون غير محمد بن هشام فلم أعرفه، ويحتمل أن يكون هو محمد بن هشام بن عروة، فإن يكن هو، فهو مجهول، ترجمه ابن أبي حاتم (4 / 1 / 116) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وقال الهيثمي بعد أن عزاه للطبراني: " وفيه محمد بن هشام، والظاهر أنه محمد بن هشام بن عروة، وليس في " الميزان " أحد يقال له محمد بن هشام ضعيف، وبقية رجاله ثقات ".
قلت: ثم رأيته في " تاريخ ابن عساكر " (15 / 185 / 2) من هذا الوجه وقال: " محمد بن هشام القناد ". فهذا يبين أنه غير ابن عروة، ولكن القناد هذا لم أعرفه، ويحتمل احتمالا قويا أنه هو أبوهشام القناد البصري المتقدم، فيستفاد منه أن اسمه محمد بن هشام، وهذا مما لم يذكروه في ترجمته. والله أعلم.
(2/122)
675 - " أتاني جبريل فقال: يا محمد ماكس عن درهمك، فإن المغبون لا مأجور ولا محمود ".
لا أصل له بهذا التمام.
قال السخاوي:
(2/122)
" رواه الديلمي في " مسند الفردوس " بلا سند عن أنس ". والشطر الأخير منه ضعيف وهو الذي قبله.
676 - " من ساء خلقه من الرقيق والدواب والصبيان فاقرءوا في أذنيه (أفغير دين الله يبغون) الآية ".
موضوع.
رواه أبو الفضل الهمداني في آخر " مجلس من حديث أبي الشيخ " (66 / 1) وابن عساكر (5 / 122 / 2) عن أبي خلف عن أنس بن مالك مرفوعا.
قلت: وهذا إسناد موضوع، قال الذهبي: " أبو خلف الأعمى عن أنس كذبه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم: منكر الحديث ". والحديث رواه ابن السني (رقم 504) عن المنهال بن عيسى: حدثنا يونس بن عبيد قال: فذكره مختصرا نحوه موقوفا عليه. ولذلك قال الحافظ: " هو خبر مقطوع والمنهال قال أبو حاتم: مجهول، وقد وجدته عن ابن عباس. أخرجه الثعلبي (في التفسير) ". ولم يذكر الحافظ إسناده بتمامه لينظر فيه. وقد نقلت كلامه عن " شرح الأذكار " (5 / 152) .
(2/123)
677 - " ابن آدم! عندك ما يكفيك وأنت تطلب ما يطغيك. ابن آدم! لا من قليل تقنع، ولا من كثير تشبع. ابن آدم! إذا أصبحت معافى في جسدك، آمنا في سربك، عندك قوت يومك فعلى الدنيا العفاء ".
موضوع.
رواه أبو نعيم (6 / 98) والخطيب (12 / 72) وكذا ابن السني في " القناعة " (3 / 2) وابن عساكر (5 / 263 / 2) عن أبي بكر الداهري: أخبرنا ثور بن يزيد عن خالد ابن مهاجر عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا
موضوع، أبو بكر الداهري. قال الذهبي في الكنى: " ليس بثقة ولا مأمون ".
وقال الجوزجاني: " كذاب ". وقال العقيلي: " لا يقيم الحديث، ويحدث ببواطيل عن الثقات ". وقال أبو نعيم: " روى عن إسماعيل بن أبي خالد والأعمش الموضوعات ".
والحديث عزاه السيوطي لابن عدي والبيهقي في " الشعب " فتعقبه المناوي بقوله: " ونقله عن ابن عدي وسكوته عليه يوهم أنه خرجه وسلمه، والأمر بخلافه بل قال:
(2/123)
أبو بكر الداهري كذاب متروك، وقال الذهبي: متهم بالوضع. وهكذا هو في " شعب البيهقي ". وذكر نحوه الحافظ ابن حجر، فكان ينبغي حذفه ". وقال الحافظ الهيثمي (10 / 289) : " رواه الطبراني في " الأوسط " عن ابن عمر. وفيه أبو بكر الداهري وهو ضعيف "!
678 - " نهى أن تحلق المرأة رأسها ".
ضعيف.
أخرجه النسائي (2 / 276) والترمذي (1 / 172) وتمام في " الفوائد " (رقم 2274 - نسختي) وعبد الغني المقدسي في " السنن " (ق 174 / 2) من طرق عن همام عن قتادة عن خلاس بن عمرو عن علي قال: فذكره مرفوعا.
ثم رواه الترمذي من طريق أبي داود الطيالسي عن همام نحوه، ولم يذكر فيه عن علي. وقال: " حديث علي فيه اضطراب، وروي عن حماد بن سلمة عن قتادة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى ... ".
قلت: والاضطراب المذكور إنما هو من همام، فكان تارة يجعله من مسند علي، وتارة من مسند عائشة، وهذا
أصح، لمتابعة حماد عليه كما ذكره الترمذي. وقال عبد الحق: في " أحكامه " بعد أن ذكره من الوجه الأول عنه: " وخالفه هشام الدستوائي وحماد بن سلمة، فروياه عن قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ".
قلت: وهذا ظاهره أنه لم يذكر عائشة في إسناده أصلا، وعليه فهو وجه آخر من الاضطراب الذي أشار إليه الترمذي. وعلى الوجه الثاني فهو منقطع. لأن قتادة لم يسمع من عائشة فهذا الاضطراب يمنع من تقوية الحديث، ولذلك لم يحسنه الترمذي، مع ما عرف به من التساهل. ولا يقويه ما أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 389 / 1 - منتخبه) عن معلى بن عبد الرحمن:
حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به، لأن المعلى هذا شديد الضعف، ومن طريقه أخرجه البزار في " مسنده " وقال: " روى عن عبد الحميد أحاديث لم يتابع عليها، ولا نعلم أحدا تابعه على هذا الحديث ". ذكره في " نصب الراية " (3 / 95) . وقال الهيثمي في " المجمع " (3 / 263) : " رواه البزار، وفيه معلى بن عبد الرحمن وقد اعترف بالوضع.
وقال ابن عدي: أرجوأنه لا بأس به "! قلت: هذا رجاء ضائع بعد اعترافه بالوضع، وقد قال فيه الدارقطني: " ضعيف كذاب ". وقال أبو حاتم: " متروك الحديث ". وذهب ابن المديني إلى أنه كان يضع الحديث. وقال أبو زرعة: " ذاهب الحديث " كما في " الميزان ".
(2/124)
فهذه النقول عن هؤلاء الأئمة الفحول، دليل على أن ابن عدي وغيره ممن أثنى عليه لم يعرفه. وروى البزار أيضا قال: حدثنا عبد الله بن يوسف الثقفي: حدثنا روح بن عطاء بن أبي ميمونة: حدثنا أبي عن وهب بن عمير قال: سمعت عثمان يقول: فذكره مرفوعا وقال: " وهب بن عمير لا نعلمه روى غير هذا الحديث، ولا نعلم حدث عنه إلا عطاء بن أبي ميمونة، وروح ليس بالقوي ".
قلت: روح قال فيه أحمد: " منكر الحديث ". وضعفه ابن معين. وأما ابن عدي فقال: ما أرى برواياته بأسا. ووهب ابن عمير، أورده ابن أبي حاتم (4 / 2 / 24) من رواية عطاء عنه عن عثمان ولم يذكر فيه جرحا ولا
تعديلا. فهو مجهول. وعبد الله بن يوسف الثقفي لم أعرفه، فهو إسناد مظلم، ولذلك فلم ينشرح القلب لتقوية الحديث بمثله. والله أعلم.
679 - " إذا كان يوم عرفة، إن الله ينزل إلى السماء الدنيا. فيباهي بهم الملائكة فيقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا ضاحين من كل فج عميق، أشهدكم أني قد غفرت لهم، فتقول الملائكة: يا رب فلان كان يرهق، وفلان وفلانة، قال: يقول الله عز وجل: قد غفرت لهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فما من يوم أكثر عتيق من النار من يوم عرفة ".
ضعيف.
رواه ابن منده في " التوحيد " (147 / 1) وأبو الفرج الثقفي في " الفوائد " (78 / 2 و92 / 1) والبغوي في " شرح السنة " (1 / 221 / 1 مخطوط و7 / 159 - طبع المكتب الإسلامي) عن مرزوق مولى أبي طلحة: حدثني أبو الزبير عن جابر مرفوعا. وقال ابن منده: " هذا إسناد متصل حسن من رسم النسائي، ومرزوق روى عنه الثوري وغيره، ورواه أبوكامل الجحدري عن عاصم بن هلال عن أيوب عن أبي الزبير عن جابر، ومحمد بن مروان عن هشام عن أبي الزبير عن جابر ".
وقال الثقفي: " إسناد صحيح متصل، ورجاله ثقات أثبات، مرزوق هذا هو أبو بكر مرزوق مولى طلحة بن عبد الرحمن الباهلي ثقة. روى عنه الثوري وأبو داود الطيالسي وغيرهم من الأئمة ".
قلت: لكن قال ابن حبان في " الثقات ": " يخطيء ". وقال ابن خزيمة " أنا بريء من عهدته ".
(2/125)
وقد خولف في بعض سياقه، رواه محمد بن مروان العقيلي: حدثنا هشام الدستوائي عن أبي الزبير عن جابر به بلفظ: " ما من أيام عند الله أفضل من عشر ذي الحجة، قال: فقال رجل: يا رسول الله هن أفضل أم عدتهن جهادا في سبيل الله؟ قال: هن أفضل من عدتهن جهادا في سبيل الله، وما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة، ينزل الله تبارك إلى السماء الدنيا، فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، فيقول: انظروا إلى عبادي، جاؤوا شعثا غبرا، ضاحين، جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي، ولم يروا عذابي، فلم ير يوم أكثر عتيقا من النار من يوم عرفة ". أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (ق 116 / 2) وابن حبان (1006) والبزار أيضا كما في " الترغيب " (2 / 126) و" مجمع الزوائد (3 / 253) وقال: " وفيه محمد بن مروان العقيلي وثقه ابن معين، وابن حبان، وفيه بعض كلام، وبقية رجاله رجال الصحيح ". وقال الحافظ في ترجمة العقيلي هذا: " صدوق له أوهام ". قلت: إنما علة الحديث أبو الزبير، فإنه مدلس، وقد عنعنه في جميع الطرق عنه. قال الحافظ: " صدوق، إلا أنه يدلس ". وقال الذهبي: " وأما ابن حزم فإنه يرد من حديثه ما يقول فيه: عن جابر، ونحوه، لأنه عندهم ممن يدلس ... وفي " صحيح مسلم " عدة أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع من جابر ... ففي القلب منها شيء "
. والحديث رواه ابن خزيمة أيضا والبيهقي باللفظ الأول كما في " الترغيب ".
نعم قد صح من الحديث مباهاة الله ملائكته بأهل عرفة، وقوله: " انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثا غبرا " من حديث أبي هريرة وابن عمرو وعائشة، وهي في " الترغيب " (2 / 128 - 129) وقد خرجت حديث عائشة في " الصحيحة " (2551) .
680 - " إن لإبليس مردة من الشياطين يقول لهم: عليكم بالحجاج والمجاهدين فأضلوهم عن السبيل ".
ضعيف جدا.
رواه الطبراني (3 / 119 / 2) وابن شاهين في " رباعياته " (187 / 2) وزاهر الشحامي في " السباعيات " (8 / 18 / 1) وابن عساكر في التجريد " (19 / 1) عن نافع أبي هرمز مولى يوسف بن عبد الله السلمي عن أنس مرفوعا.
قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا. نافع هذا قال أبو حاتم: " متروك الحديث " وقال البخاري: " منكر الحديث "، وقد قيل: إنه نافع بن هرمز، وقيل إنه غيره، وفي ترجمة ابن هرمز
(2/126)
ساق الذهبي هذا الحديث والله أعلم. وأيهما كان فهو ضعيف جدا، وابن هرمز كذبه ابن معين. والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (3 / 215) ثم السيوطي في " الجامع " عن ابن عباس رواية الطبراني في " الكبير " وقال الهيثمي: " وفيه نافع بن هرمز أبوهرمز وهو ضعيف ". قلت: ولم ينفرد به فقد رواه ابن عساكر (15 / 1) من طريق جبارة بن مغلس: أخبرنا كثير بن سليم عن أنس به. قلت: وهذا سند واه جدا، كثير بن سليم وهو الأيلي ضعفوه، بل قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال النسائي: " متروك ". وقال ابن حبان في " الضعفاء " (2 / 223) : " كان ممن يروي عن أنس ما ليس من حديثه ويضع عليه ". وجبارة بن مغلس ضعيف.
681 - " عليكم بالصلاة بين العشاءين، فإنها تذهب بملاغاة أول النهار، وتذهب آخره ".
موضوع.
رواه الديلمي في " مسند الفردوس " من رواية إسماعيل بن أبي زياد الشامي عن الأعمش: حدثنا أبو العلاء العنبري عن سلمان مرفوعا.
وإسماعيل هذا متروك يضع الحديث، قاله الدارقطني. واسم أبي زياد مسلم، وقد اختلف فيه على الأعمش ". كذا في " تخريج الإحياء " (1 / 309 - 310) . والحديث مما سود به السيوطي " الجامع الصغير " وقد تعقبه المناوي بكلام الحافظ العراقي المذكور ثم قال: " فكان ينبغي للمصنف حذفه "!
(2/127)
682 - " أول من أشفع له من أمتي أهل المدينة، وأهل مكة، وأهل الطائف ".
ضعيف.
رواه الضياء المقدسي في " المختارة " (129 / 2) عن الطبراني: حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطي: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة: حدثنا حرمي بن عمارة: حدثني سعيد بن المسيب الطائفي عن عبد الملك بن أبي زهير الثقفي أن حمزة بن عبد الله بن أبي أسماء أخبره أن القاسم بن الحسن الثقفي أخبره أن عبد الله بن جعفر أخبره به مرفوعا.
ثم قال: " ذكر ابن أبي حاتم: سعيد بن السائب الطائفي يروي عن عبد الملك بن أبي زهير.
وذكر حمزة بن عبد الله بن أبي تيماء الثقفي روى عنه عبد الملك بن أبي زهير ". يعني أن سعيد بن السائب هو سعيد بن المسيب المذكور في السند بدليل أن ابن أبي حاتم
(2/127)
ذكر أنه يروي عن شيخه في هذا السند عبد الملك بن أبي زهير، وابن أبي حاتم ذكر ذلك في ترجمة عبد الملك هذا (2 / 2 / 351) ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأما سعيد فوثقه (2 / 1 / 30) .
وأما حمزة بن عبد الله بن أبي أسماء فالظاهر أن ابن أبي تيماء تحرف على بعض الرواة كما يفيده كلام الضياء فيما نقله عن ابن أبي حاتم، وقد ترجمه (1 / 2 / 213) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأما ابن حبان فأورده في " الثقات " على قاعدته في توثيق المجهولين باعترافه، فقد أورد قبل هذه الترجمة بترجمتين رجلا آخر فقال (2 / 64) : " حمزة شيخ يروي المراسيل لا أدري من هو "! ثم قال في حمزة هذا: " حمزة بن عبد الله الثقفي يروي عن القاسم بن حبيب، روى عنه عبد الملك بن زهير ". كذا وقع فيه: ابن زهير.
وأما القاسم بن حسن الثقفي، فالظاهر أنه الذي في " ثقات ابن حبان " (1 / 186) : " القاسم بن الحسن يروي عن عثمان بن عفان، روى عنه محمد بن إسحاق ".
والخلاصة أن الإسناد ضعيف مسلسل بالمجهولين: القاسم هذا، والراوي عنه حمزة وعنه عبد الملك بن أبي زهير، فإيراد الضياء له في " المختارة " لا يجعله عندنا من الأحاديث المختارة، بل هذا يؤيد ما ذكرته مرارا من أن شرطه في هذا الكتاب قائم على كثير من التساهل من الإغضاء عن جهالة الرواة تارة، وعن ضعفهم تارة أخرى.
683 - " أمان لأهل الأرض من الغرق القوس، وأمان لأهل الأرض من الاختلاف الموالاة لقريش، قريش أهل الله، فإذا خالفتها قبيلة من العرب صاروا حزب إبليس ".
ضعيف جدا.
رواه ابن حبان في " الضعفاء " (1 / 280) وتمام (3 / 20 / 2) وعنه ابن عساكر (5 / 379 / 1) والحاكم (4 / 75) وكذا الطبراني (3 / 123 / 2) ومن طريقه العراقي في " محجة القرب إلى محبة العرب " (19 / 2) عن إسحاق بن سعيد بن الأركون: حدثنا خليد بن دعلج عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعا. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ورده الذهبي بقوله: " قلت: واه، وفي إسناده ضعيفان ".
قلت: الأول منهما ابن الأركون هذا. وقال الذهبي في " الميزان ": " قال الدارقطني: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: ليس بثقة ". والثاني خليد بن دعلج قال ابن حبان:
(2/128)
" كان كثير الخطأ ". وقال الساجي: " مجمع على تضعيفه ". وقال النسائي: " ليس بثقة ".
وعده الدارقطني في جماعة المتروكين. فالإسناد ضعيف جدا، وقد اقتصر العراقي على إعلاله بخليد فقط وهو قصور. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق أخرى عن خليد وقال (1 / 143) : " موضوع، خليد ضعفوه، والراوي عنه منكر الحديث، ووهب كذاب يضع، وهو المتهم به ". وتعقبه السيوطي في " اللآلئ " (1 / 86) بهذه الطريق الخالية من وهب الكذاب فأصاب.
ثم ذكر للشطر الأول منه شاهدا من رواية سعيد بن منصور عن سعيد أن هرقل كتب إلى معاوية يسأله عن القوس؟ فكتب إلى ابن عباس يسأله؟ فكتب إليه ابن عباس: " إن القوس أمان لأهل الأرض من الغرق ".
وسكت السيوطي عن إسناده، وهو صحيح، وقد رواه البخاري أيضا في " الأدب المفرد " (ص 113) ولكن لا يصح عندي شاهدا، لأنه موقوف، فيحتمل أن يكون مما تلقاه ابن عباس عن أهل الكتاب. والله أعلم.
684 - " إنكم في زمان من ترك منكم عشر ما أمر به هلك، ثم يأتي زمان من عمل منهم بعشر ما أمر به نجا ".
ضعيف.
رواه الترمذي (3 / 246) وتمام في " الفوائد " (1 / 10 / 2 رقم 74) وأبو نعيم في " الحلية " (7 / 316) والهروي في " ذم الكلام " (1 / 15 / 1) والسهمي (420) وابن عساكر (15 / 134 / 2) عن نعيم بن حماد: أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا، وضعفه الترمذي بقوله: " غريب لا نعرفه إلا من حديث نعيم بن حماد ".
وقال أبو نعيم: " تفرد به نعيم ".
قلت: وهو ضعيف لكثرة وهمه حتى قال أبو داود: " عنده نحوعشرين حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس لها أصل ". قال الذهبي: " وقد سرد ابن عدي في " الكامل " جملة أحاديث انفرد بها نعيم، منها هذا الحديث ".
قال المناوي: " وأورده ابن الجوزي في " الواهيات " وقال: قال النسائي: حديث منكر رواه نعيم بن حماد، وليس بثقة ". قلت: لكنه لم ينفرد به كما زعموا، فقد وجدت له طريقين آخرين:
(2/129)
الأول: عن أبي ذر، أخرجه الهروي (14 - 15) من طريقين عن محمد بن طفر بن منصور حدثنا محمد بن معاذ حدثنا علي بن خشرم: حدثنا عيسى بن يونس عن الحجاج بن أبي زياد عن أبي الصديق أو عن أبي نضرة - شك الحجاج - عن أبي ذر مرفوعا به نحوه أتم منه. قلت: وهذا سند رجاله كلهم ثقات غير محمد بن طفر هذا فلم أجد من ترجمه، ولعله هو آفة هذا الإسناد النظيف (1) . الثاني: عن الحسن البصري مرفوعا، أخرجه أبو عمرو الداني في " السنن الواردة في الفتن " (10 / 2) عن إبراهيم بن محمد عن ليث بن أبي سليم عن معاوية عن الحسن به. وهذا سند ضعيف جدا، وفيه علل:
1 - إرسال الحسن، ومراسيله قالوا: هي كالريح!
2 - اختلاط ليث بن أبي سليم.
3 - إبراهيم بن محمد إن لم يكن الأسلمي المتروك فلم أعرفه، لكنه قد توبع كما يأتي.
والحديث سئل عنه أحمد فلم يعرفه، وحدث به رجل فلم يعرفه. ذكره ابن قدامة في " المنتخب " (10 / 196) . ثم رأيت ابن أبي حاتم أورده في " العلل " (2 / 429) من طريق نعيم بن حماد، ثم قال: " فسمعت أبي يقول: هذا عندي خطأ رواه جرير وموسى بن أيمن عن ليث عن معروف عن الحسن عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم مرسل ".
685 - " لا صرورة في الإسلام ".
ضعيف.
أخرجه أبو داود (1729) والحاكم (1 / 448) وأحمد (1 / 312) والطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 128 / 1) والضياء في " المختارة " (65 / 68 / 1) من طريق عمر بن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!
قلت: وهذا من أوهامهما، فإن عمر هذا هو ابن عطاء بن وراز، وهو ضعيف اتفاقا، والذهبي نفسه أورده في " الميزان " وقال: " ضعفه يحيى بن معين والنسائي وقال أحمد: ليس بقوي ".
وهو غير عمر بن عطاء بن أبي الخوار، فهذا ثقة، وهو يروي عن ابن عباس مباشرة، فلعل الأول اشتبه عليهما بهذا فصححا إسناده! وللحديث شاهد مجهول، أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 79 / 1) عن كلاب بن علي الوحيدي - من بني عامر - عن ابن جبير بن مطعم عن أبي مرفوعا به دون قوله " في الإسلام ".
__________
(1) ثم وجدت لابن طفر متابعين، فأخرجت لذلك حديثه هذا في " الصحيحة " (2010) فراجعه، فإن متنه يختلف عن هذا بعض الشيء. اهـ.
(2/130)
وكلاب هذا مجهول كما قال الذهبي والعسقلاني.
686 - " اللهم واقية كواقية الوليد ".
ضعيف.
أخرجه ابن أبي عاصم في " السنة " (371 - بتحقيقي) وابن عدي في " الكامل " (ق 11 / 1) من طريق عبد الوهاب بن الضحاك: حدثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن سالم عن ابن عمر قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول ... " فذكره وقال: " لا يحدث به عن يحيى غير ابن عياش ".
قلت: وهو شامي ضعيف في غير روايته عن الشاميين، وهذا منه، وابن الضحاك كذاب. لكن الظاهر أنه روي من غير طريقه، فقد أورده الهيثمي في " المجمع " (10 / 182) بهذا اللفظ وقال: " قال أبو يعلى: يعني المولود. كذا فسر لنا، رواه أبو يعلى، وفيه راولم يسم، وبقية رجاله ثقات ". ثم وقفت على إسناد أبي يعلى في " مسنده " (3 / 1333) : حدثنا أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الحيري: أخبرنا سفيان: أخبرنا شيخ من أهل المدينة عن سالم به. لكن الحيري هذا لم أعرفه، فلعله في " ثقات ابن حبان ".
(2/131)
687 - " اتخذوا السودان فإن ثلاثة منهم من سادات أهل الجنة، لقمان الحكيم، والنجاشي، وبلال المؤذن ".
ضعيف جدا.
رواه ابن حبان في " الضعفاء " (1 / 170) والطبراني (3 / 123 / 2) وعنه ابن عساكر (3 / 232 / 2) من طريق عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي: أخبرنا أبي بن سفيان المقدسي عن خليفة بن سلام عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعا.
وهذا إسناد ضعيف جدا أبي بن سفيان قال ابن حبان: " كان يقلب الأخبار، وأكثر روايته عن الضعفاء ". قال البخاري: " لا يكتب حديثه ". وقال الدارقطني: " ضعيف له مناكير ". والحديث ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن حبان وقال ابن الجوزي: (2 / 232) : " لا يصح، والمتهم به أبين كان يقلب الأخبار، وعثمان لا يحتج به ". قلت: عثمان صدوق، وإنما ضعف لروايته عن الضعفاء، وهذا لا يقدح فيه، وقد وثقه ابن معين، وعلة الحديث أبين هذا وإعلال ابن الجوزي له بعثمان أيضا قد تبع فيه ابن حبان، فقد قال عقب الحديث:
(2/131)
" وعثمان بن عبد الرحمن قد تبرأت من عهدته، هذا متن باطل لا أصل له ".
ثم ذكر السيوطي شاهدا من حديث واثلة بن الأسقع، أخرجه الحاكم (4 / 284) لكن ليس فيه الأمر باتخاذ السودان، ولا أنهم من سادات أهل الجنة، وذكر مهجعا بدل النجاشي. فهو شاهد قاصر. ويعارض هذا الحديث أحاديث رويت في ذم السودان يأتي بعضها، فانظر الأرقام (726 و727، 3218) .
688 - " أو حى الله عز وجل إلى داود النبي صلى الله عليه وسلم: يا داود! ما من عبد يعتصم بي دون خلقي، أعرف ذلك من نيته، فتكيده السموات بمن فيها إلا جعلت له من بين ذلك مخرجا، وما من عبد يعتصم بمخلوق دوني أعرف منه نيته إلا قطعت أسباب السماء بين يديه وأرسخت الهوى من تحت قدميه، وما من عبد يطيعني إلا وأنا معطيه قبل أن يسألني، وغافر له قبل أن يستغفرني ".
موضوع.
أخرجه تمام الرازي في " الفوائد " (5 / 58 / 2) من طريق يوسف بن السفر عن الأوزاعي عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه مرفوعا.
قلت: وهذا موضوع، المتهم به ابن السفر، فإنه ممن يضع الحديث كما تقدم. ولعله من الإسرائيليات التي تلقاها كعب بن مالك عن بعض مسلمة أهل الكتاب، ثم نسبه هذا الكذاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " لابن عساكر وحده. وهذا قصور واضح، ولم يتكلم عليه شارحه المناوي
بشيء.
(2/132)
689 - " زين الصلاة الحذاء ".
موضوع.
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (292 / 1) : أخبرنا أبو يعلى قال: حدثنا يحيى بن أيوب: أخبرنا محمد بن الحجاج اللخمي: حدثنا عبد الملك بن عمير عن النزال بن سبرة عن علي مرفوعا. وقال: " هذا ليس له أصل عن عبد الملك بن عمير، وهو مما وضعه محمد بن الحجاج على عبد الملك ".
قلت: ومن طريقه رواه تمام في " الفوائد " (138 / 2) . وابن الحجاج هذا هو صاحب حديث الهريسة، وقد روى ابن عدي تكذيبه عن جماعة من الأئمة، ولهذا فقد أساء السيوطي بإيراده لهذا الحديث في " الجامع الصغير " من رواية أبي يعلى، قال المناوي في " شرحه ":
(2/132)
" وقال الهيثمي: فيه محمد بن الحجاج اللخمي وهو كذاب. انتهى.
فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب ". وحديث الهريسة المشار إليه هو الآتي:
690 - " أطعمني جبريل الهريسة من الجنة لأشد بها ظهري لقيام الليل ".
موضوع.
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (374) وكذا ابن حبان (2 / 290) وابن عدي (291 / 2) وتمام (29 / 114 - 115) من طريق محمد بن الحجاج عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن خراش عن حذيفة، وقال تمام: " لم يرو هذا الحديث إلا محمد بن الحجاج ". وقال ابن عدي: " وهذا حديث موضوع، وضعه محمد بن الحجاج ". وقال فيه ابن حبان: " كان محمد يروي الموضوعات عن الأثبات، لا تحل الرواية عنه ". وقد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق هذا الكذاب بألفاظ مختلفة ثم قال: (3 / 18) : " هذا حديث وضعه محمد بن الحجاج وكان صاحب هريسة (!) وغالب طرقه تدور عليه، وسرقه منه كذابون ".
وتعقبه السيوطي كعادته في " اللآلي " بأن له شواهد كثيرة (2 / 234 - 237) .
ولو أردنا الكلام عليها لطال بنا المقال فحسبي أن أتكلم على شاهد واحد منها هو خيرها باعتراف السيوطي لتعرف حقيقة أمر هذا الشاهد ثم تقيس عليه ما غاب عنك من الشواهد الأخرى.
قال الأزدي: حدثنا عبد العزيز بن محمد بن زبالة: حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي: حدثنا عمر [و] بن بكر عن أرطاة عن مكحول عن أبي هريرة قال: شكى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل قلة الجماع.
فتبسم جبريل حتى تلألأ مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم من بريق ثنايا جبريل، ثم قال: أين أنت عن أكل الهريسة فإن فيها قوة أربعين رجلا؟ قال الأزدي: " إبراهيم ساقط، فنرى أنه سرقه وركب له إسنادا ".
قال السيوطي (2 / 236) : " قلت: إبراهيم روى له ابن ماجه، وقال في " الميزان ": قال أبو حاتم وغيره: صدوق، وقال الأزدي وحده: ساقط.
قال: ولا يلتفت إلى قول الأزدي فإن في لسانه في الجرح رهقا. انتهى.
وحينئذ فهذا الطريق أمثل طرق الحديث ". قلت: لم ينفرد الأزدي بجرح إبراهيم هذا بل سبقه إلى ذلك الساجي فقال كما في " التهذيب ": " يحدث بالمناكير والكذب ".
(2/133)
ولست أشك أن حديثه هذا كذب فإن لم يكن هو آفته فهو شيخه عمرو بن بكر وهو السكسكي قال ابن حبان (2 / 78) : " روى عن الثقات الأو ابد والطامات التي لا يشك من هذا الشأن صناعته أنها معمولة أو مقلوبة، لا يحل الاحتجاج به ". وقال الذهبي: " أحاديثه شبه موضوعة ".
على أن ابن زبالة قريب منه في الضعف، قال ابن حبان (2 / 132) : " يروي عن المدنيين الثقات الأشياء المعضلات ".
691 - " ثلاث من كنوز البر: إخفاء الصدقة، وكتمان الشكوى، وكتمان المصيبة، يقول الله عز وجل: إذا ابتليت عبدي ببلاء فصبر، لم يشكني إلى عواده أبدلته لحما خير من لحمه، ودما خير من دمه، فإن أرسلته أرسلته ولا ذنب له، وإن توفيته فإلى رحمتي ".
موضوع.
تمام (6 / 119 / 2) وعنه ابن عساكر (15 / 120 / 2) والطبراني في " الكبير " وأبو القاسم الحنائي في " الفوائد " (147 / 1) وأبو نعيم في " الحلية " (7 / 117) وفي " الأربعين الصوفية " (60 / 2) من طريق الجارود بن يزيد: حدثنا سفيان يعني الثوري عن الأشعث عن ابن سيرين عن أنس بن مالك مرفوعا. وقال الحنائي وأبو نعيم: " تفرد به الجارود. وزاد الأول: وهو ضعيف الحديث ". وكذا قال ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 199) إلا أنه قال: " وهو متروك وتعقبه السيوطي في " اللآلي " بقوله (4 / 395) : " قلت: لم يتهم الجارود بوضع ".
قلت: بلى، فقد قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (1 / 1 / 225) : " كان أبو أسامة يرميه بالكذب، وقال أبي: هو كذاب ". وقال العقيلي: " يكذب ويضع الحديث ". وقال الحاكم: " روى عن الثوري أحاديث موضوعة ". ونحوه قول ابن حبان: " ينفرد بالمناكير عن المشاهير، وروى عن الثقات ما لا أصل له ". ثم قال في حديث الترجمة: " لا أصل له ".
ثم ذكر السيوطي له شواهد منها:
(2/134)
692 - " ثلاث من كنوز البر، كتمان الأو جاع، والبلوى والمصيبات، ومن بث لم يصبر ".
(2/134)
ضعيف جدا.
رواه تمام (9 / 140 / 1) من طريق ناشب بن عمرو: حدثنا مقاتل بن حيان عن قيس بن سكن عن ابن مسعود مرفوعا. وهذا إسناد ضعيف جدا، ناشب بن عمرو قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال الدارقطني: " ضعيف ". وقد روي الحديث من وجه آخر نحوه وهو: " من كنوز البر كتمان المصائب والأمراض والصدقه ".
693 - " من كنوز البر كتمان المصائب والأمراض والصدقة ".
ضعيف.
رواه الروياني في " مسنده " (250 / 1) وابن عدي (151 / 2) وأبو نعيم (8 / 197) والقضاعي (21 / 2) عن زافر بن سليمان عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر مرفوعا.
وقال أبو نعيم: " غريب من حديث نافع وعبد العزيز، تفرد به عنه زافر ".
قلت: وهو ضعيف لسوء حفظه، وقال ابن عدي: " عامة ما يرويه لا يتابع عليه ".
وقد نقل ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 332) عن أبي زرعة أنه قال: " هذا حديث باطل ". قال ابن أبي حاتم: " وامتنع أبو زرعة أن يحدث به ".
وقد رواه أبو زكريا البخاري في " فوائده " كما في " اللآلي " (2 / 396) عن هشام بن خالد:
حدثنا بقية عن ابن أبي رواد به نحوه. وهذا إسناد ضعيف، بقية هو ابن الوليد وكان يدلس عن الضعفاء والكذابين وقد عنعنه. ورواه أبو الحسين البوشنجي في " المنظوم " (4 / 2) وأبو علي الهروي في " الفوائد " (7 / 1) عن عبد الله بن عبد العزيز عن أبيه به. وعبد الله هذا هو عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد، قال أبو حاتم وغيره: " أحاديثه منكرة ". وقال ابن الجنيد: " لا يساوي شيئا ".
وقال ابن عدي: " روى أحاديث عن أبيه لا يتابع عليها ". لكن قد رواه أبو نعيم في كتاب " الأربعين " (ق 60 / 2) من طريق منصور بن أبي مزاحم عن عبد العزيز به.
ومنصور هذا ثقة من رجال مسلم. ولكن يغلب على الظن أن السند إليه لا يصح.
ومن المؤسف أنه لا سبيل الآن إلى الرجوع إلى الأربعين " للنظر في إسناده، لأنه مخطوط من مخطوطات الظاهرية، وهي الآن خارج المكتبة في صناديق حديدية مقفلة صيانة لها من الحرق بسبب الحرب القائمة بين العرب واليهود.
ثم أعيدت الكتب إلى المكتبة، فراجعت " الأربعين " فإذا هو يقول: حدثني عيسى بن حامد الرخجي - ببغداد -: حدثنا الحسن بن حمزة: حدثنا منصور بن أبي مزاحم به. والرخجي هذا ثقة، ترجمه الخطيب (11 / 178 - 179) . وأما الحسن بن حمزة فلم أجد له ترجمة، فالظاهر أنه هو علة هذا الإسناد. والله أعلم.
(2/135)
694 - " أنا خاتم الأنبياء، وأنت يا علي خاتم الأولياء ".
موضوع.
رواه الخطيب (10 / 356 - 358) عن عبيد الله بن لؤلؤ السلمي: أخبرنا عمر بن واصل قال: سمعت سهل بن عبد الله يقول: أخبرني محمد بن سوار خالي: حدثنا مالك بن دينار: أخبرنا الحسن بن أبي الحسن البصري عن أنس مرفوعا في حديث طويل ساقه في فضل علي، هذا منه. ثم قال الخطيب: " هذا الحديث موضوع من عمل القصاص، وضعه عمر بن واصل، أو وضع عليه ". وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 398) ونقل كلام الخطيب هذا واقره هو والسيوطي (1 / 379 - 380) . وذكره الحافظ في " اللسان " في ترجمة ابن لؤلؤ هذا وقال: " روى عن عمر بن واصل حديثا موضوعا ساقه الخطيب في ترجمته ". ثم ذكره. وإن من عجائب السيوطي أن يذكر لهذين المتهمين عنده - فضلا عن غيره حديثا آخر في كتابه " الجامع الصغير "، وهو الآتي بعده.
(2/136)
695 - " بعثت بمداراة الناس ".
موضوع.
رواه أبو سعد الماليني في " الأربعين في شيوخ الصوفية " (6 / 2) عن عبيد الله بن لؤلؤة الصوفي: أخبرني عمر بن واصل قال: سمعت سهل بن عبد الله يقول: أخبرني محمد بن سوار: أخبرني مالك بن دينار ومعروف بن علي عن الحسن عن محارب بن دثار عن جابر بن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت سورة (براءة) : فذكره.
قلت: وهذا موضوع المتهم به ابن لؤلؤة أو شيخه عمر بن واصل فإنهما تفردا برواية الحديث الذي قبله، وهو موضوع قطعا، وأحدهما هو الذي اختلقه، ومع هذا فالسيوطي لا يتورع عن أن يروي لهما هذا الحديث في " الجامع الصغير " من رواية البيهقي في " الشعب " وقد تعقبه المناوي بهذين المتهمين ثم قال: " وفيه مالك بن دينار الزاهد، أورده الذهبي في " الضعفاء "، ووثقه بعضهم ".
(2/136)
696 - " لا بأس بقضاء شهر رمضان مفرقا ".
ضعيف.
رواه الماليني في " الأربعين " (11 / 1) عن أبي عبيد البسري محمد بن حسان الزاهد: أخبرنا أبو الجماهر محمد بن عثمان: حدثنا يحيى بن سليم الطائفي: حدثنا موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر مرفوعا.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، يحيى بن سليم الطائفي ضعيف لسوء حفظه. وبقية رجاله ثقات غير محمد بن حسان الزاهد، فهو غير معروف الحال. قال السمعاني: " من مشاهير الصوفية ". وقال ياقوت في " معجمه ":
(2/136)
" له كلام في الطريقة وكرامات ". وقد حدث عن جمع، وعنه آخرون سماهم ياقوت، ولم يحك فيه جرحا ولا تعديلا، وقد خالفه الحافظ ابن أبي شيبة فقال في " المصنف " (3 / 32) ، وعنه الدارقطني (ص 244) . والبيهقي في " سننه الكبرى " (4 / 259) :
حدثنا يحيى بن سليم الطائفي عن موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن تقطيع قضاء رمضان؟ فقال: فذكره نحوه. وهذا عن الطائفي أصح، وهو مرسل أو معضل قال البيهقي: " وقد وصله غير أبي بكر عن يحيى بن سليم، ولا يثبت متصلا ".
وكأنه يشير إلى هذه الطريق ثم قال: " وقد روي من وجه آخر ضعيف عن ابن عمر مرفوعا، وقد روي في مقابلته عن أبي هريرة في النهي عن القطع مرفوعا، وكيف يكون ذلك صحيحا ومذهب أبي هريرة جواز التفريق، ومذهب ابن عمر المتابعة؟! ".
وأما الوجه الآخر فلعله ما عند الدارقطني أيضا عن سفيان بن بشر: حدثنا علي بن مسهر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا نحوه. وقال: " لم يسنده غير سفيان بن بشر ".
قلت: وهو في عداد المجهولين فإني لم أجد له ذكرا فيما عندي من كتب الرجال، وكأنه لذلك ضعفه البيهقي كما سبق، وأشار إلى ذلك الحافظ في " التلخيص " حيث قال بعد أن ذكره من طريق الدارقطني: " قال: ورواه عطاء عن عبيد بن عمير مرسلا. قلت: وإسناده ضعيف أيضا ".
وأما قول الشوكاني في " نيل الأوطار " (4 / 98) : " وقد صحح الحديث ابن الجوزي وقال: ما علمنا أحدا طعن في سفيان بن بشر "! فهو تصحيح قائم على حجة لا تساوي سماعها! فإن كل راومجهول عند المحدثين يصح أن يقال فيه: " ما علمنا أحدا طعن فيه "! فهل يلزم من ذلك تصحيح حديث المجهول!؟
اللهم لا، وإنها لزلة من عالم يجب اجتنابها. وأما حديث أبي هريرة المقابل لهذا فلفظه: " من كان عليه من رمضان شيء فليسرده ولا يقطعه ". ولكنه حسن الإسناد عندي تبعا لابن القطان وابن التركماني، ولذلك أوردته في " الأحاديث الصحيحة ".
697 - " الإيمان بالنية واللسان، والهجرة بالنفس والمال ".
موضوع.
رواه عبد الخالق بن زاهر الشحامي في " الأربعين " (260 / 1) عن نوح بن أبي مريم عن يحيى بن سعد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول في خطبته سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: نوح بن أبي مريم معروف بالوضع، وقد سبق مرارا، والمحفوظ عن يحيى بن سعيد
(2/137)
ما رواه عنه جماعة بإسناده الصحيح هذا مرفوعا بلفظ: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امريء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ... " الحديث. رواه الشيخان وغيرهما، ولذلك فقد
أساء السيوطي بإيراده هذا الحديث الموضوع في " الجامع "!
698 - " إن فاتحة الكتاب وآية الكرسي والآيتين من (آل عمران) : (شهد الله أنه لا إله إلا هو الملائكة وألوالعلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم. إن الدين عند الله الإسلام) و (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء) إلى قوله: (وترزق من تشاء بغير حساب) هن مشفعات، ما بينهن وبين الله حجاب، فقلن: يا رب! تهبطنا إلى أرضك وإلى من يعصيك؟ قال الله: بي حلفت لا يقرؤهن أحد من عبادي دبر كل صلاة إلا جعلت الجنة مأو اه على ما كان فيه، وإلا أسكنته حظيرة الفردوس، وإلا قضيت له كل يوم سبعين حاجة أدناها المغفرة ".
موضوع.
رواه ابن حبان في " المجروحين " (1 / 218) وابن السني (رقم 322) وعبد الخالق الشحامي في " الأربعين " (26 / 2) عن محمد بن زنبور عن الحارث بن عمير: حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب مرفوعا.
وقال ابن حبان: " موضوع لا أصل له، والحارث كان ممن يروي عن الأثبات الموضوعات ". قلت: وثقه المتقدمون مثل ابن معين وغيره، لكن قال الذهبي في " الميزان ": " وما أراه إلا بين الضعف، فإن ابن حبان قال في " الضعفاء ": روى عن الأثبات الأشياء الموضوعات، وقال الحاكم: روى عن حميد وجعفر الصادق أحاديث موضوعة ". زاد في " المغني ": " قلت: أنا أتعجب كيف خرج له النسائي ".
ثم ساق له الذهبي أحاديث هذا أحدها، ثم قال: " قال ابن حبان: موضوع لا أصل له ". وأقره في " الميزان " والحافظ في " التهذيب " ولكنه قال:
(2/138)
" والذي يظهر لي أن العلة فيه ممن دون الحارث "، ومال إليه الشيخ المعلمي رحمه الله في " التنكيل " (2 / 223) . قلت: بل علته الحارث هذا، لأن مدار الحديث على محمد بن زنبور عنه، وابن زنبور لم يتهمه أحد، بخلاف الحارث فقد علمت قول ابن حبان والحاكم فيه، بل كذبه ابن خزيمة كما يأتي فهو آفة هذا الحديث، وقد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " وقال: (1 / 245) : " تفرد به الحارث قال ابن حبان: كان يروي عن الأثبات الموضوعات، روى هذا الحديث ولا أصل له.
وقال ابن خزيمة: الحارث كذاب، ولا أصل لهذا الحديث ". وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (1 / 229 - 230) بأمرين: الأول: ما سبق من توثيق بعضهم للحارث، وهذا لا يجدي شيئا بعد طعن ابن حبان وغيره فيه وروايته لهذا الحديث الذي يعترف ابن حبان والذهبي بوضعه ويوافقهم الحافظ ابن حجر كما يشير إليه قوله السابق في " التهذيب ". الثاني: بقوله: وقد ورد بهذا اللفظ من حديث أبي أيوب. ثم ساقه. وفي إسناده كذاب كما يأتي، فما فائدة الاستشهاد به؟! (فائدة هامة) : قال ابن الجوزي عقب الحديث: " قلت: كنت قد سمعت هذا الحديث في زمن الصبا فاستعملته نحوا من ثلاثين سنة لحسن ظني بالرواة، فلما علمت أنه موضوع تركته، فقال لي قائل: أليس هو استعمال خير؟ قلت: استعمال الخير ينبغي أن يكون مشروعا، فإذا علمنا أنه كذب خرج عن المشروعية ". أقول: وإذا خرج عن المشروعية فليس من الخير في شيء، فإنه لوكان خيرا لبلغه صلى الله عليه وسلم أمته، ولوبلغه، لرواه الثقات، ولم يتفرد بروايته من يروي الطامات عن الأثبات. وإن فيما حكاه ابن الجوزي عن نفسه لعبرة بالغة، فإنها حال أكثر علماء هذا الزمان ومن قبله، من الذين يتعبدون الله بكل حديث يسمعونه من مشايخهم، دون أي تحقق منهم بصحته، وإنما هو مجرد حسن الظن بهم. فرحم الله امرأ رأى العبرة بغيره فاعتبر. وحديث أبي أيوب المشار إليه هو:
699 - " لما نزلت (الحمد لله رب العالمين) ، وآية (الكرسي) ، و (شهد الله) ، و (قل اللهم مالك الملك) إلى (بغير حساب) ، تعلقن بالعرش وقلن: أنزلتنا على قوم يعملون بمعاصيك؟ فقال: وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لا يتلوكن عبد دبر كل صلاة مكتوبة إلا غفرت له ما كان فيه وأسكنته جنة الفردوس، ونظرت إليه كل يوم سبعين مرة، وقضيت له سبعين حاجة، أدناها المغفرة ".
(2/139)
موضوع.
رواه الديلمي في " مسند الفردوس " من طريق محمد بن عبد الرحمن بن بحير بن ريسان: حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق: حدثنا يحيى بن أيوب: حدثنا إسحاق بن أسيد عن يعقوب بن إبراهيم عن محمد بن ثابت بن شرحبيل عن عبد الله بن يزيد الخطمي عن أبي أيوب مرفوعا. ذكره السيوطي في " اللآلي " (1 / 229 - 230) شاهدا للحديث الذي قبله، ثم سكت عليه فأساء، لأن ابن ريسان هذا قال الذهبي: " اتهمه ابن عدي، وقال ابن يونس: ليس بثقة، وقال أبو بكر الخطيب: كذاب ". ثم ساق له حديثين ثم قال: " وهذان باطلان "! وقال ابن حبان (2 / 260) : " كان ممن ينفرد بالمعضلات عن الثقات، ويأتي بالمناكير عن المشاهير ".
700 - " أيما ناشئ نشأ في طلب العلم والعبادة حتى يكبر وهو على ذلك أعطاه الله يوم القيامة ثواب اثنين وسبعين صديقا ".
ضعيف جدا.
رواه تمام (29 / 112 / 1 رقم 2428) وابن عبد البر في " جامع العلم " (1 / 82) من طريق يوسف بن عطية قال: أخبرنا مرزوق - وهو أبو عبد الله الحمصي - عن مكحول عن أبي أمامة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، من أجل يوسف بن عطية وهو الصفار البصري قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال النسائي والدولابي: " متروك ". ومن طريقه رواه الطبراني في " الكبير " كما في " المجمع " (1 / 125) ثم قال: " وهو متروك الحديث ".
ونقل المناوي في " فيض القدير " عن " ميزان الذهبي " أنه قال: " هذا منكر جدا ". قلت: وهذا صواب ولكن لم أره في ترجمة يوسف بن عطية من " الميزان " فلينظر.
(2/140)
701 - " إن الرجل إذا ولي ولاية تباعد الله عز وجل منه ".
لا أصل له.
ذكره الغزالي في " الإحياء " (2 / 129) من حديث أبي ذر مرفوعا، فقال الحافظ العراقي في " تخريجه ": " لم أقف له على أصل ".
(2/140)
702 - " كان نقش خاتم سليمان: لا إله إلا الله، محمد رسول الله ".
موضوع.
رواه العقيلي في " الضعفاء " (185) وابن عدي (198 / 1) وتمام الرازي (6 / 111 / 1) وابن عساكر (7 / 288 / 1) من طريق شيخ بن أبي خالد البصري: حدثنا حماد
(2/140)
بن سلمة عن عمرو بن دينار عن جابر مرفوعا. ساقه العقيلي في ترجمة شيخ هذا وساق له حديثين آخرين يأيتان قريبا، ثم قال: " كلها مناكير ليس لها أصل إلا من حديث هذا الشيخ ".
وقال ابن عدي فيها: " بواطيل ". وقال ابن حبان (1 / 360) : " لا يجوز الاحتجاج به بحال ". ثم ساق له ثلاثة أحاديث هذا أحدها. ثم قال: " ثلاثتها موضوعات، لا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله، ولا جابر رواه، ولا عمرو حدث به، ولا حماد بن سلمة "، والثاني من الأحاديث الثلاثة يأتي بعد حديث.
وقال الذهبي في ترجمته: " شيخ مجهول دجال، قال الحاكم: روى عن حماد بن سلمة أحاديث موضوعات في الصفات وغيرها ". ثم قال الذهبي: " فمن أباطيله عن حماد ... " فذكر له هذا الحديث والذي بعده.
والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن عدي ثم قال: (1 / 201) : " لا يصح، شيخ يروي الأباطيل، لا يحتج به ". وتعقبه السيوطي بأنه ورد من طريق آخر عن عبادة بن الصامت. قلت: وفيه متهم فلا طائل من هذا التعقب كما يأتي بعده. وروي موقوفا على ابن عباس! أخرجه السهمي في " تاريخ جرجان " (169) ، وفيه داود بن سليمان الجرجاني وهو كذاب. وأما حديث عبادة فهو:
703 - " كان فص خاتم سليمان بن داود سماويا، فألقي إليه فأخذه فوضعه في خاتمه، وكان نقشه: أنا الله لا إله إلا أنا، محمد عبدي ورسولي ".
موضوع.
رواه الطبراني وعنه ابن عساكر (7 / 288 / 1) عن مخلد الرعيني: حدثنا حميد بن محمد الحمصي عن أرطاة بن المنذر عن خالد بن معدان عن عبادة بن الصامت مرفوعا.
ذكره السيوطي في " اللآليء " (1 / 171) شاهدا للحديث الذي قبله فأساء، لأن الرعيني هذا قال ابن عدي: " حدث بالأباطيل " ثم ذكر له من أباطيله حديثين سبق أحدهما وهو " التراب ربيع الصبيان " رقم (410) . والآخر يأتي بعد برقم (1252) إن شاء الله تعالى. وحميد بن محمد الحمصي لم أجده. والله أعلم.
(2/141)
704 - " أهل الجنة جرد إلا موسى بن عمران، فإن له لحية إلى سرته ".
باطل.
رواه العقيلي في " الضعفاء " (185) وابن عدي (198 / 1) والرازي في " فوائده " (6 / 111 / 1) عن شيخ بن أبي خالد البصري: حدثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن جابر مرفوعا.
وقال العقيلي: " منكر ليس له
أصل إلا من حديث هذا الشيخ ". وقال ابن عدي بعد أن ساق له أحاديث أخرى: " وهذه بواطيل كلها ". قلت: وهو متهم بالوضع، وقد ذكر له الذهبي أباطيل هذا أحدها، والثاني سبق قبله بحديث. وهذا الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن عدي عن شيخ به. وقال (3 / 258) : " قال ابن حبان: موضوع، شيخ بن أبي خالد كان يروي عن الثقات المعضلات لا يحتج به بحال ". وأقره السيوطي في " اللآلئ " (2 / 456) .
(2/142)
705 - " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب ".
ضعيف. رواه ابن نصر في " قيام الليل " (38) والطبراني (3 / 92 / 1) وابن عساكر (4 / 296 / 1) عن الحكم بن مصعب: حدثني محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده مرفوعا.
ومن هذا الوجه رواه أبو داود (1518) والنسائي في " عمل اليوم والليلة " كما في تردمة الحكم هذا من " التهذيب " والحاكم (4 / 226) وأحمد (1 / 248) وابن السني (358) وأبو محمد الحسن بن محمد بن إبراهيم في " أحاديث منتقاة " (145 / 2) والبيهقي (3 / 351) .
قلت: وسنده ضعيف، الحكم بن مصعب مجهول كما قال الحافظ في " التقريب ".
فقول صاحب التاج (5 / 185) : " سنده صحيح " غير صحيح ولعله اغتر برمز السيوطي له بالصحة في " الجامع "، وقول الحاكم: " صحيح الإسناد "! وغفل أو تغافل عن تعقب المناوي للسيوطي بنحوما ذكرنا، وعن تعقب الذهبي للحاكم بقوله:
" قلت الحكم: فيه جهالة " وكذا قال في " المهذب " (ق 128 / 2) أيضا.
وأخرجه ابن ماجه (3819) من هذا الوجه، إلا أنه لم يذكر " عن أبيه "
(2/142)
706 - " كان إذا سمع المؤذن قال: (حي على الفلاح) قال: اللهم اجعلنا مفلحين ".
موضوع.
رواه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (رقم 90) عن أبي داود سليمان بن سيف: حدثنا عبد الله بن واقد عن نصر بن طريف عن عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن معاوية بن أبي سفيان مرفوعا.
قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته نصر بن طريف، قال النسائي وغيره: " متروك الحديث ".
وقال يحيى بن معين: " من المعروفين بوضع الحديث ". وقال الفلاس: " وممن أجمع عليه أهل العلم (1) أنه لا يروى عنهم قوم منهم نصر هذا ".
وعبد الله بن واقد هو الحراني، وهو ضعيف جدا، قال البخاري: " تركوه منكر الحديث ". وقال في موضع آخر: " سكتوا عنه ". وقال النسائي: " ليس بثقة ". وضعفه الجريري جدا.
وسليمان بن سيف (وفي الأصل: يوسف خطأ) هو الحراني ثقة، فالآفة ممن فوقه. ومن عجائب السيوطي أنه أورد الحديث برواية ابن السني هذه في " الدرر المنتثرة " (ص 86) وسكت عليه مع أنه ألفه لأجل " بيان حال الأحاديث التي اشتهرت على ألسنة العامة ومن ضاهاهم من الفقهاء الذين لا علم لهم بالحديث "! وأسوأ من ذلك أنه أورده في " الجامع الصغير من حديث البشير النذير "!
__________
(1) وقع في " الميزان " واللسان ": " ... من أهل الكذب ... " وهو خطأ فاحش، صححته من " الجرح والتعديل ". اهـ.
(2/143)
707 - " كان إذا اهتم قبض على لحيته ".
ضعيف.
رواه ابن حبان في " الضعفاء " (1 / 345) وتمام الرازي في " فوائده " (6 / 111) : أخبرنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر بن هشام الكندي ابن بنت عديس: حدثنا أبو زيد الحوطي: حدثنا محمد بن مصعب: حدثنا
الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، جعفر بن محمد هذا لم أجد له ترجمة. وأبو زيد الحوطي اسمه أحمد بن عبد الرحيم قال ابن القطان: " لا يعرف حاله ". ومحمد بن مصعب هو القرقساني ضعيف لكثرة خطأه، وقال ابن حبان: " يروي عن الثقات ما لا أصل له من حديث الأثبات ".
(2/143)
قلت: لكنه عند ابن حبان من طريق أبي حريز سهل مولى المغيرة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. وقال: " أبو حريز يروي عن الزهري العجائب ".
والحديث أورده السيوطي في " الجامع " بنحوه من رواية ابن السني وأبي نعيم في " الطب " عن عائشة، وأبي نعيم عن أبي هريرة ". ولم يتكلم شارحه المناوي على حديث عائشة بشيء، وقد عرفت علته، وإنما حصر كلامه في حديث أبي هريرة فقال: " قال الزين العراقي: إسناده حسن اهـ.
لكن أورده في " الميزان " و" لسانه " في ترجمة سهل مولى المغيرة من حديث أبي هريرة فقال: قال ابن حبان: لا يحتج به، يروي عن الزهري العجائب، ورواه البزار عن أبي هريرة قال الهيثمي: وفيه رشدين ضعفه الجمهور ".
قلت: وهو في " زوائد البزار " (ص 25 - 26) من طريق رشدين بن سعد عن عقيل عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. ورواه ابن عدي (ق 188 / 2) عن سهل المتقدم عن ابن شهاب الزهري عن أبي سلمة عن عائشة. وقال: " سهل عامة ما يرويه لا يتابع عليه وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق ".
وبالجملة فالحديث ضعيف من جميع طرقه، لضعف رواته واضطرابهم في إسناده. وروى عن عائشة بلفظ: " كان إذا اشتد غمه مسح بيده على رأسه ولحيته وتنفس صعداء، وقال حسبي الله ونعم الوكيل، فيعرف بذلك شدة غمه ".
رواه أبو بكر الكلاباذي في " مفاتيح المعاني " (258 / 2) : حدثنا أبو بكر محمد عبد الله الفقيه: حدثنا أبو بكر محمد بن إسماعيل بن علي: حدثنا أبو سفيان الغنوي: حدثنا أحمد بن الحارث: حدثتني أمي أم الأزهر عن سدرة مولاة ابن عامر قالت: سمعت عائشة تقول: فذكره مرفوعا.
قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، آفته أحمد بن الحارث قال أبو حاتم: " متروك الحديث ". وقال البخاري: " فيه نظر ". ومن فوقه لم أجد من ذكرهما. والحديث حسن إسناده الهيثمي في " أسمى المطالب " (46 / 1) فلعله بزعمه لطرقه! أو تقليدا منه للعراقي!
708 - " كان لا يقعد في بيت مظلم حتى يضاء له بسراج ".
موضوع.
ابن سعد (1 / 387) وتمام (9 / 141 / 1) من طريق يحيى بن يمان عن سفيان عن جابر عن أم محمد عن عائشة مرفوعا.
(2/144)
قلت: وهذا موضوع، وآفته جابر، وهو ابن يزيد الجعفي، وهو كذاب كما قال أبو حنيفة وابن معين والجوزجاني وغيرهم. وأم محمد هذه لم أعرفها، ولعلها زوجة زيد بن جدعان. ويحيى بن يمان ضعيف من قبل حفظه، ولكن الحديث أورده الذهبي عن أبي محمد عن عائشة به. ثم قال: " رواه إبراهيم بن شماس عن يحيى القطان عن سفيان عن جابر الجعفي عن أبي محمد، قال ابن حبان: وجابر قد تبرأنا من عهدته، وأبو محمد هذا لا يجوز الاحتجاج به ". قلت: فقد تابع يحيى بن يمان يحيى القطان، فالآفة من جابر أو شيخه. والحديث أورده في " الجامع الصغير " من رواية ابن سعد في الطبقات " عن عائشة، وتعقبه المناوي بقول ابن حبان المذكور آنفا. وذكر أن البزار رواه أيضا. وبالجملة فالحديث موضوع بهذا الإسناد والله أعلم! ثم رأيت الحديث في " المجمع " (8 / 60 - 61) وقال: " رواه البزار، وفيه جابر بن يزيد الجعفي وهو متروك ".
709 - " إنما حر جهنم على أمتي كحر الحمام ".
موضوع.
رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " قال: " حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن ريسان: حدثنا محمد بن الواقدي: حدثنا شعيب بن طلحة بن (1) عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق: حدثني أبي، عن أبيه عن جده عن أبي بكر مرفوعا.
نقلته من " الميزان "، أورده في ترجمة الواقدي. قلت: وهذا سند هالك، وفيه آفات وعلل:
1 - طلحة بن عبد الله، مجهول الحال، قال يعقوب بن شيبة: " لا علم لي به "، ووثقه ابن حبان على قاعدته.
2 - شعيب بن طلحة، مثل أبيه، قال ابن معين: " لا أعرفه ". وقال معن (ابن عيسى) : " لا يكاد يعرف ". وتباين فيه رأي أبي حاتم، والدارقطني فقال الأول: " لا بأس به "! وقال الآخر: " متروك ".
3 - الواقدي وهو كذاب كما قال الإمام أحمد، وقال ابن المديني وابن راهويه وأبو حاتم والنسائي: " يضع الحديث ".
4 - ابن ريسان قال الخطيب ومحمد بن مسلمة: " كذاب ".
__________
(1) الأصل: حدثنا، والتصويب من " المقاصد الحسنة " وتراجم الرجال.
(2/145)
(تنبيه) وما سبق من أقوال الأئمة في الواقدي، جرح مفسر لا خفاء فيه، فلا تلتفت بعد ذلك إلى محالة ابن سيد الناس في مقدمة كتابه " عيون الأثر " (ص 17 - 21) المدافعة عنه اعتمادا منه على توثيق من وثقه، ممن لم يتبين له حقيقة أمره، ولا إلى قول ابن الهمام معبرا عن رأي الحنفية فيه: " والواقدي عندنا حسن الحديث "، كما نقله الشيخ أبو غدة الكوثري (!) في تعليقه على " قواعد في علوم الحديث " للتهانوي (ص 349) ، بمناسبة قول التهانوي هذا في صدد رده على قول الحافظ في " الفتح ": " وقد تعصب مغلطاي للواقدي، فنقل كلام من قواه ووثقه، وسكت عن ذكر من وهاه واتهمه، وهم أكثر عددا وأشد إتقانا، وأقوى معرفة من الأولين ... وقد أسند البيهقي عن الشافعي أنه كذبه ".
فرده التهانوي بقوله: " ولم يتعصب مغلطاي للواقدي، بل استعمل الإنصاف، فإن الصحيح في الواقدي التوثيق "! أقول: فلا تغتر بهؤلاء الذين مالوا إلى توثيقه، فإنهم خالفوا القاعدة المتفق عليها عند المحدثين أن الجرح المفسر مقدم على التعديل، ولعل الحنفية يقولون هنا كما قالوا فيما جرح به أبو حنيفة رحمه الله:
إن مصدر ذلك التعصب! وبذلك طعنوا في أئمة المسلمين بغير حق، في سبيل تخليص رجل منهم مما قيل فيه بحق. فاعتبروا يا أولي الأبصار.
وبعد كتابة ما سبق رأيت للشيخ زاهد الكوثري كلاما حسنا حول جرح الواقدي اتبع هنا سبيل أئمة الحديث وأقوالهم، فأرى أنه لا بأس من نقل كلامه ملخصا، لا احتجاجا به - فليس هو عندنا في موضع الحجة - وإنما ردا به على متعصبة الحنفية - وهو منهم - الذين لا يبالون بمخالفة أقوال أئمة الحديث ونقاده، إذا كان لهم في ذلك هوى، كما فعل التهانوي، وقلده أبو غدة الكوثري، مع أنه خلاف قول شيخه الكوثري الذي يفخر بالانتساب إليه، فقد قال في " مقالاته " (ص 41 - 44) في صدد رده على من احتج بحديث الواقدي المتقدم برقم (14) : " انفرد بروايته من كذبه جمهرة أئمة النقد بخط عريض، فقال النسائي في " الضعفاء ":
الكذابون المعروفون بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة: الواقدي بالمدينة.
وقال البخاري: قال أحمد: الواقدي كذاب. وقال ابن معين: ضعيف ليس بثقة. وقال أبو داود: لا أشك أنه كان يفتعل الحديث. وقال أبو حاتم: كان يضع. كما في " تهذيب التهذيب " وغيره. وجرح هؤلاء مفسر لا يحتمل أن يحمل التكذيب في كلامهم على ما يحتمل الوهم كما ترى، وإنما مدار الحكم على الخبر بالوضع أو الضعف الشديد من حيث الصناعة الحديثية هو انفراد الكذاب أو المتهم بالكذب أو الفاحش الخطأ، لا النظر إلى ما في نفس الأمر، لأنه غيب. فالعمدة في هذا الباب هي علم أحوال الرواة، واحتمال أن يصدق الكذاب في هذه الرواية مثلا احتمال لم ينشأ من دليل فيكون وهما منبوذا ".
(2/146)
ومن الغرائب أن يغتر بتوثيق الواقدي بعض متعصبة الشافعية، ما سبب ذلك إلا غلبة الأهواء، والجهل بهذا العلم على كثير من الكتاب كالدكتور البوطي الذي اعتمد على روايات الواقدي وصححها في كتابه " فقه السيرة
"، كما تراه مفصلا في ردي عليه في رسالة مطبوعة، فليراجعها من شاء.
وقد قصر الكلام على الحديث بعض الأئمة! فأعله الهيثمي في " المجمع " (10 / 360) بالواقدي فقط، فقال: " وهو ضعيف جدا ". ونقله عنه المناوي في " الفيض " بإسقاط لفظ " جدا "! وأغرب منه قول الحافظ السخاوي في " المقاصد " (206) :
" ورجاله موثقون، إلا أنه نقل عن الدارقطني في شعيب أنه متروك، والأكثر على قبوله ". قلت: وهذا قصور فاحش من مثل هذا الحافظ، فكيف يصح إعلال الحديث برجل مختلف فيه ولم يتهم، وفي الطريق إليه كذابان؟! وممن قصر فيه أيضا الشيخ العجلوني في " كشف الخفاء " (1 / 213) ، فإنه نقل كلام السخاوي باختصار، وأقره! ولا عجب في ذلك فهو في الحديث ناقل مقلد، وليس بالعالم المجتهد.
أقول: وحري بمثل هذا الحديث الباطل أن لا يرويه إلا مثل هذين الكذابين، فإنه حديث خطير يقضي على باب كبير من أبواب التربية والإصلاح في الشرع، ألا وهو باب الوعيد وما فيه من الآيات والأحاديث في إيعاد العصاة من هذه الأمة بالنار الموقدة (التي تطلع على الأفئدة) ، والأحاديث الصحيحة في بيان هذا كثيرة جدا أذكر بعض ما يحضرني الآن منها على سبيل المثال:
1 - " ثلاث لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره والمنان الذي لا يعطي شيئا إلا منة، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ". رواه مسلم عن أبي ذر وهو مخرج في " إرواء الغليل " (892) و" تخريج الحلال " (170) .
2 - " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب وعائل مستكبر ". رواه مسلم عن أبي هريرة.
3 - قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة: " حتى إذا فرغ الله من القضاء بين عباده وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يخرج ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله أمر الله الملائكة أن يخرجوهم، فيعرفونهم بعلامة آثار السجود، وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود، فيخرجونهم قد امتحشوا " (1) رواه الشيخان عن أبي هريرة. وفي حديث أبي سعيد: فيخرجون خلقا كثيرا قد أخذت النار إلى نصف ساقيه، وإلى ركبتيه و ... ". رواه مسلم.
__________
(1) أي احترقوا، والمحش احتراق الجلد وظهور العظم. كذا في " الفتح ". اهـ.
(2/147)
فهذه الأحاديث وغيرها صريحة في بطلان هذا الحديث، إذ كيف يكون العذاب أليما وهو كحر الحمام؟! بل كيف يكون كذلك وقد أحرقتهم النار، وأكلت لحمهم، حتى ظهر عظمهم؟! وبالجملة فأثر هذا الحديث سيء جدا لا يخفى على المتأمل فإنه يشجع الناس على استباحة المحرمات، بعلة أن ليس هناك عقاب إلا كحر الحمام!
710 - " كان يستعط بدهن الجلجان إذا وجع رأسه. يعني دهن السمسم ".
لا يصح.
رواه المخلص (203 / 2) عن عثمان بن عبد الرحمن عن أبي جعفر عن أبيه عن علي مرفوعا. قلت: وعثمان هذا هو الوقاصي وهو كذاب كما مضى مرارا. والحديث ذكره السيوطي في " الجامع " بنحوه من رواية ابن سعد عن أبي جعفر مرسلا. ولم يتكلم عليه المناوي بشيء فإن كان في طريقه الوقاصي هذا فالحديث موضوع، وإلا فينظر فيه. ثم رأيت ابن سعد أخرجه في " الطبقات ": (1 / 448) من طريق إسرائيل عن جابر عن أبي جعفر به نحوه وزاد: " ويغسل رأسه بالسدر ". قلت: وجابر هو ابن يزيد الجعفي، وهو متهم كما تقدم (708) .
(2/148)
711 - " إذا سمعتم النداء فقوموا، فإنها عزمة من الله ".
موضوع.
رواه أبو نعيم (2 / 174) عن أحمد بن يعقوب قال: حدثنا الوليد بن سلمة عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب الزهري عن سعيد (الأصل أحمد وهو خطأ) ابن المسيب عن عثمان بن عفان مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع آفته الوليد بن سلمة وهو الطبراني قال دحيم وغيره: " كذاب ". وقال ابن حبان: " يضع الحديث على الثقات ". وأحمد بن يعقوب قال المناوي: " هو الترمذي، قال الدارقطني: لا أعرفه ويشبه أن يكون ضعيفا ".
(2/148)
712 - " نعم الرجل الفقيه، إن احيتج إليه انتفع به، وإن استغني عنه أغنى نفسه ".
موضوع.
رواه ابن عساكر (13 / 173 / 1) عن عباد بن يعقوب الرواجني: أنبأنا عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي: حدثني أبي عن أبيه عن جده عن
علي رفعه.
(2/148)
قلت: وهذا موضوع آفته عيسى بن عبد الله هذا العلوي، قال الدارقطني: " متروك الحديث "، وقال ابن حبان (2 / 119) : " يروي عن آبائه أشياء موضوعة ". وساق له الذهبي أحاديث ظاهر عليها الوضع، وقال في أحدها:
" هذا لعله موضوع ". ومن تلك الأحاديث: " كان يعجبه النظر إلى الحمام الأحمر والأترج ". وسيأتي برقم (1393) . وقد تساهل في عيسى هذا أبو حاتم الرازي - على خلاف عادته، فقال ابنه في " الجرح والتعديل " (3 / 1 / 280) عنه: " لم يكن بقوي الحديث ".
713 - " كان إذا أخذ من شعره أو قلم أظفاره، أو احتجم بعث به إلى البقيع فدفن ".
باطل.
قال ابن أبي حاتم (2 / 337) : " سئل أبو زرعة عن حديث رواه يعقوب بن محمد الزهري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: فذكره. قال أبو زرعة: " حديث باطل ليس له عندي أصل وكان حدثهم قديما في كتاب " الآداب " فأبى أن يقرأه، وقال: اضربوا عليه، ويعقوب بن محمد هذا واهي الحديث ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق كثير الوهم والرواية عن الضعفاء ".
قلت: ولعل الآفة من بعض الضعفاء الذين تلقى هذا الحديث عنه فإنه لم يسمع من هشام بن عروة بل لم يلحقه كما جزم بذلك الذهبي في حديث آخر له موضوع تقدم برقم (104) فراجعه.
(2/149)
714 - " النساء على ثلاثة أصناف، صنف كالوعاء تحمل وتضع، وصنف كالعر - وهو الجرب -، وصنف ودود ولود، تعين زوجها على إيمانه، فهي خير له من الكنز ".
منكر.
رواه تمام في " الفوائد " (206 / 2) عن عبد الله بن دينار عن عطاء بن أبي رباح عن جابر مرفوعا، وقال: " عبد الله بن دينار هو الحمصي ".
قلت: وهو ضعيف كما جزم به الحافظ في " التقريب " تبعا لغير واحد من الأئمة، ومنهم أبو حاتم، فقد قال ابنه في " العلل " (2 / 310) بعد أن ساق الحديث:
(2/149)
" وقال أبي، هذا حديث منكر، عبد الله بن دينار منكر الحديث ". بل قال الدارقطني " ضعيف لا يعتبر به ".
715 - " نعم الفارس عويمر، غير أنه - يعني - غير ثقيل ".
ضعيف.
أورده الحاكم (3 / 337) معلقا، فقال: " وقيل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى أبي الدرداء والناس منهزمون كل وجه يوم أحد، فقال: ... " فذكره. وكذلك علقه ابن سعد في " الطبقات " (7 / 392) فقال: " قال محمد بن عمر: وروى بعضهم أن أبا الدرداء شهد أحدا، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إليه ... ". وقد روي مرسلا، فقال الحافظ في ترجمة عويمر من " الإصابة " (5 / 46) : " قال صفوان بن عمرو عن شريح بن عبيد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: " نعم الفارس عويمر، وقال: هو حكيم أمتي ".
(2/150)
716 - " من لبس نعلا صفراء لم يزل في سرور ما دام لابسها، وذلك قول الله عز وجل (صفراء فاقع لونها تسر الناظرين) ".
موضوع.
ذكره ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 319) فقال: رواه سهل بن عثمان العسكري عن ابن العذراء عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس فذكره موقوفا عليه وقال: " قال أبي هذا حديث كذب موضوع ". قلت: وأقره الحافظ ابن حجر في " تخريج أحاديث الكشاف " (ص 7 رقم 52) .
وقال السيوطي في " الدر " (1 / 78) : " أخرجه ابن أبي حاتم والطبراني والخطيب والديلمي عن ابن عباس قال: ... ". فذكره موقوفا أيضا. قلت: والآفة من ابن العذراء هذا، فقد أورده الذهبي في " فصل من عرف بأبيه " وقال: " عن ابن جريج، له حديث في
النعل الأصفر، لا شيء ". وكذا في " اللسان ".
ومن تساهلات ابن كثير رحمه الله في " تفسيره " أنه أورده جازما بقوله (1 / 110) : " وقال ابن جريج ... "! وهذا مما لا يليق به، ما دام أن السند إلى ابن جريج غير ثابت لجهالة ابن العذراء هذا، واتهام الإمام أبي حاتم إياه بهذا الحديث، بل كان من الواجب على ابن كثير أن ينقل كلام الإمام كما فعل الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى، لكن الظاهر أنه لم يستحضره عند كتابته، والله أعلم.
(2/150)
والحديث أورده الزمخشري في " تفسيره " بلفظ: " من لبس نعلا صفراء قل همه ". فقال ابن حجر في تخريجه: " موقوف لم أجده ".
717 - " من أشرك بالله فليس بمحصن ".
ضعيف.
أخرجه الدارقطني في " سننه " (350) والبيهقي (8 / 216) من طريق إسحاق بن إبراهيم الحنظلي: أنبأ عبد العزيز بن محمد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به، وقال الدارقطني: " لم يرفعه غير إسحاق، ويقال: إنه رجع عنه، والصواب موقوف ".
قلت: الرفع ليس من إسحاق، بل هو تلقاه مرفوعا تارة، وموقوفا تارة أخرى، فروى كما سمع، فقد ساقه الزيلعي في " نصب الراية " (3 / 327) ناقلا إياه من " مسنده " أعني مسند إسحاق بن راهويه وهو ابن إبراهيم الحنظلي وقال عقبه: " قال إسحاق: رفعه مرة، فقال: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووقفه مرة ".
وقال الزيلعي عقبه وبعد أن نقل كلام الدارقطني المتقدم: " وهذا لفظ إسحاق بن راهويه في " مسنده " كما تراه وليس فيه رجوع، وإنما أحال التردد على الراوي في رفعه ووقفه ".
قلت: وأنا أرى أن التردد المذكور إنما هو من شيخ إسحاق وهو عبد العزيز بن محمد الدراوردي، فإنه وإن كان ثقة ومن رجال مسلم، ففي حفظه شيء أشار إليه الحافظ بقوله فيه في " التقريب ": " صدوق كان يحدث من كتب غيره فيخطئ، قال النسائي: حديثه عن عبيد الله العمري منكر ".
قلت: وهذا من روايته عن عبيد الله كما ترى فهو منكر مرفوعا، والمحفوظ موقوف على ابن عمر، كذلك رواه جمع من الثقات عن نافع. فأخرجه الدارقطني والبيهقي من طريق موسى بن عقبة، والبيهقي من طريق جويرية كلاهما عن نافع عن ابن عمر موقوفا.
وقال البيهقي: " هكذا رواه أصحاب نافع عن نافع ".
وأما ما رواه الدارقطني والبيهقي من طريق أحمد بن أبي نافع: أخبرنا عفيف بن سالم: أخبرنا سفيان الثوري عن موسى بن عقبة به عن ابن عمر مرفوعا فهو وهم، قال الدارقطني: " وهم عفيف في رفعه والصواب موقوف من قول ابن عمر ".
(2/151)
قلت: عفيف ثقة عند ابن معين وغيره، وإنما الوهم عندي من أحمد بن أبي نافع، فإنه لم تثبت عدالته، وبه أعله ابن عدي فقال: عن أبي يعلى الموصلي: " لم يكن موضعا للحديث ". وذكر له أحاديث أنكرت عليه منها هذا
فقال: " هو منكر من حديث الثوري ". قلت: وجدت له طريقا أخرى. رواه ابن عساكر (13 / 394 / 1) عن الهيثم بن حميد: أخبرنا العلاء بن الحارث:
أخبرنا عبد الله بن دينار: أخبرني نافع عن عبد الله بن عمر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، العلاء بن الحارث كان اختلط. وشيخه عبد الله بن دينار إن كان هو الحمصي المتقدم في الحديث (714) فهو ضعيف، وإن كان المدني فهو ثقة، والأول أقرب لأن العلاء دمشقي، والله أعلم.
718 - " من اعتم فله بكل كورة حسنة، فإذا حط فله بكل حطة حطة خطيئة ".
موضوع.
ذكره الهيتمي في " أحكام اللباس " (9 / 2) في جملة أحاديث أوردها في فضل العمامة لم يخرجها ولكنه عقبه بقوله: " ولولا شدة ضعف هذا الحديث لكان حجة في تكبير العمائم ".
قلت: وهذا الحديث وأمثاله من أسباب انتشار البدع في الناس، لأن أكثرهم حتى من المتفقهة لا تمييز عندهم بين الصحيح والضعيف من الحديث، وقد يكون موضوعا، ولا علم عنده بذلك فيعمل به وتمر الأعوام وهو على ذلك فإذا نبه على ضعفه بادرك بقوله: لا بأس، يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال! وهو جاهل بأن الحديث موضوع أو شديد الضعف كهذا، ومثله لا يجوز العمل به اتفاقا، وإني لأذكر شيخا كان يؤم الناس في بعض مساجد حلب، على رأسه عمامة ضخمة تكاد لضخامتها تملأ فراغ المحراب الذي كان يصلي فيه! فإلى الله المشتكى مما أصاب المسلمين من الانحراف عن دينهم بسبب الأحاديث الضعيفة والقواعد المزعومة؟
(2/152)
719 - " مكارم الأخلاق عشرة تكون في الرجل ولا تكون في ابنه، وتكون في الابن ولا تكون في أبيه، وتكون في العبد ولا تكون في سيده، فقسمها الله عز وجل لمن أراد السعادة: صدق الحديث، وصدق البأس، وحفظ اللسان، وإعطاء السائل، والمكافأة بالصنائع، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، والتذمم للجار، والتذمم للصاحب، وإقراء الضيف، ورأسهن الحياء ".
(2/152)
ضعيف جدا.
تمام في " فوائده " (15 / 102 / 1) من طريق الوليد بن الوليد قال: حدثني ثابت بن يزيد عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا.
وهذا إسناد ضعيف جدا، الوليد هذا هو الدمشقي، قال الذهبي: " منكر الحديث وقواه أبو حاتم، وقال غيره: متروك، ووهاه العقيلي وابن حبان، وله حديث موضوع ".
قلت وكأنه يعني هذا الحديث فقد قال الحافظ في ترجمة الوليد هذا من " اللسان " بعد أن ذكر أن ابن حبان أورده في " الضعفاء ": " وأورد له عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة خبرا قال فيه: لا أصل له من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ". والظاهر أنه يعني هذا. ثم تأكدت من هذا الذي استظهرته، فقد رأيت ابن حبان قد ساق الحديث في ترجمة الوليد من كتابه " الضعفاء والمجروحين "، قال في الحديث ما سبق نقله عن الحافظ، وقال في الوليد: " يروي عن ابن ثوبان وثابت بن يزيد العجائب ".
ثم إن الظاهر أيضا من كلامهم أن الوليد كان يرويه تارة عن الأوزاعي مباشرة وتارة يدخل بين نفسه وبين الأوزاعي ثابت بن يزيد، فقد قال الذهبي في ترجمة " ثابت " هذا بعد أن ساق الحديث: " رواه الحاكم والبيهقي في " الشعب " وقال الحاكم: " ثابت بن يزيد الذي أدخله الوليد بينه وبين الأوزاعي مجهول وينبغي أن يكون الحمل عليه ".
وقال البيهقي: وروي من وجه آخر عن عائشة موقوفا وهو أشبه ". وصرح المناوي بشدة ضعف المرفوع، ونقل عن ابن الجوزي أنه قال: " لا يصح، ولعله من كلام بعض السلف، وثابت بن يزيد ضعفه يحيى ".
720 - " لا يدخل ملكوت السماوات من ملأ بطنه "
لا أصل له.
وإن أورده الغزالي في " الإحياء " حديثا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم! فقد قال الحافظ العراقي في " تخريجه " (3 / 69) : " لم أجده ". وكذا قال السبكي في " الطبقات " (4 / 162) .
ثم وجدت له طريقا موقوفا،
فقال ابن وهب في " الجامع " (ص 77) : حدثنا ابن أنعم أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: فذكره موقوفا عليها.
(2/153)
وهذا إسناد معضل، وقد وصل، فقال الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ص 41، 45، 53) : حدثنا أحمد بن يحيى بن مالك السوسي: حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد: حدثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم: حدثنا زياد بن أبي منصور عن عائشة به. قلت: وهذا سند ضعيف، زياد هذا لم أجد له ترجمة. وابن أنعم ضعيف. والسوسي مترجم في " تاريخ بغداد " (5 / 202) .
721 - " لا تميتوا القلوب بكثرة الطعام والشراب، فإن القلب كالزرع يموت إذا كثر عليه الماء ".
لا أصل له.
وإن جزم الغزالي بعزوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم! فقد قال مخرجه العراقي (3 / 70) " لم أقف له على أصل ".
(2/154)
722 - " الليل والنهار مطيتان، فاركبوهما بلاغا إلى الآخرة، وإياك والتسويف بالتوبة، وإياك والغرة بحلم الله ".
ضعيف جدا.
رواه أبو الطيب محمد بن حميد الحوراني في " جزئه " (ورقة 70 وجه 1 - من مجموع ظاهرية دمشق رقم 87) من طريق عمرو بن بكر عن سفيان الثوري عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا من أجل عمرو هذا، قال الذهبي: " واه، قال ابن عدي: له أحاديث مناكير عن الثقات: ابن جريج وغيره، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات الطامات ". ثم قال الذهبي في ترجمته: " أحاديثه شبه موضوعة ". وقال الحافظ في " التقريب ": " متروك ".
والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " بالشطر الأول فقط وقال: " رواه ابن عدي وابن عساكر عن ابن عباس ". وتعقبه المناوي بقوله: " قضية كلام المصنف أن ابن عدي خرجه وأقره، والأمر بخلافه، فإنه أورده في ترجمة عبد الله بن محمد بن المغيرة وقال: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. وفي " الميزان " قال أبو حاتم: غير قوي، وقال ابن يونس: منكر الحديث، ثم ساق له هذا الخبر ". قلت: ومن طريقه رواه تمام (250 / 2) .
(2/154)
723 - " ما زنى عبد قط فأدمن على الزنا إلا ابتلي في أهل بيته ".
موضوع.
رواه ابن عدي (15 / 2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 278) عن
(2/154)
إسحاق بن نجيح عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا، وقال ابن عدي: " وإسحاق بن نجيح بين الأمر في الضعفاء، وهو ممن يضع الحديث ".
وأورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 149 رقم 728) وقال: " إنه من أباطيل إسحاق بن نجيح ". ومما يؤيد بطلان هذا الحديث أنه يؤكد وقوع الزنى في أهل الزاني، وهذا باطل يتنافى مع الأصل المقرر في القرآن (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) . نعم إن كان الرجل يجهر بالزنا ويفعله في بيته فربما سرى ذلك إلى أهله والعياذ بالله تعالى ولكن ليس ذلك بحتم كما أفاده هذا الحديث، فهو باطل. ومثله: " من زنى زني به ولوبحيطان داره ".
724 - " من زنى زني به ولوبحيطان داره ".
موضوع.
رواه ابن النجار بسنده عن القاسم بن إبراهيم الملطي: أنبأنا المبارك بن عبد الله المختط: حدثنا مالك عن الزهري عن أنس مرفوعا.
قال ابن النجار: " فيه من لا يوثق به ". قلت: وهو القاسم الملطي كذاب. كذا في " ذيل الأحاديث الموضوعة " للسيوطي (ص 134) و" تنزيه الشريعة " لابن عراق (316 / 1) .
قلت: ومع ذلك فقد أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن النجار هذا!! وخفي أمره على المناوي فلم يتعقبه بشيء! .
(2/155)
725 - " اشتروا الرقيق وشاركوهم في أرزاقهم يعني كسبهم، وإياكم والزنج، فإنهم قصيرة أعمارهم، قليلة أرزاقهم ".
موضوع.
رواه الطبراني (3 / 93 / 1) وفي " الأوسط " (1 / 155 / 1) : حدثنا أحمد بن داود المكي: أخبرنا حفص بن عمر المازني: أخبرنا حجاج بن حرب الشقري: أخبرنا سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده مرفوعا.
قلت: وهذا إسناد واه مظلم لا تعرف عدالة واحد منهم غير علي بن عبد الله فإنه ثقة، وأما ابنه سليمان فهو كما قال ابن القطان: " هو مع شرفه في قومه لا يعرف حاله في الحديث ". ومن دونه فلم أجد لهم ترجمة، غير حفص بن عمر المازني فقال الحافظ في " اللسان ": " لا يعرف ".
وقد روي من غير طريقة، أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 58) من طريقين عن عبد العزيز بن عبد الواحد: حدثنا عبد الله بن حرب الليثي: حدثنا جعفر بن سليمان بن علي عن أبيه به.
(2/155)
وهذا سند مظلم أيضا فإن من دون سليمان ثلاثتهم لم أجد من ترجمهم، غير أن جعفر بن سليمان أورده الحافظ في الرواة عن أبيه سليمان من " التهذيب ".
هذا حال إسناد الحديث، وأما متنه فإني أرى عليه لوائح الوضع ظاهرة، فإن قصر الأعمار وقلة الأرزاق لا علاقة لها بالأمم، بل بالأفراد، فمن أخذ منهم بأسباب طول العمر وكثرة الرزق التي جعلها الله تبارك وتعالى أسبابا طال عمره وكثرة رزقه، والعكس بالعكس، وسواء كانت هذه الأسباب طبيعية أو شرعية، أما الطبيعية فهي معروفة، وأما الشرعية فمثل قوله صلى الله عليه وسلم: " من أحب أن ينسأ له في أجله، ويوسع له في رزقه، فليصل رحمه ". رواه البخاري. وقوله: " حسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويطيلان الأعمار ".
رواه أحمد وغيره وهو مخرج في " الصحيحة " (519) .
والله تبارك وتعالى سهل لكل أمة لأخذ بأسباب الحياة من الرزق وطول العمر وغير ذلك ولم يخصها بقوم دون قوم ولذلك نجد كثيرا من الأمم التي كانت متأخرة في مضمار الرقي أصبحت في مقدمة الأمم رقيا وثروة كاليابان، وغيرها، فليس من المعقول أن يحكم الشارع الحكيم على أمة كالزنج بالفقر ويطبعهم بطابع قصر العمر، مع أنهم بشر مثلنا وهو يقول: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) . وقصر العمر وقلة الرزق ليسا من التقوى في شيء كما يشير إلى ذلك الحديثان المذكوران، بل إنهما ليصرحان أن خلافهما وهما الغني وطول العمر من ثمار التقوى، فإذن أي أمة أخذت بأسباب طول العمر وسعة الرزق لاسيما إذا كانت من النوع الشرعي فلا شك أن الله تبارك وتعالى يبارك لها في عمرها ورزقها، لا فرق في ذلك بين أمة وأمة، للآية السابقة: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) .
وخلاصة القول: إن هذا الحديث موضوع متنا لعدم اتفاقه مع القواعد الشرعية العادلة التي لا تفرق بين أمة وأمة أو قوم وقوم. ولذلك ما كنت أو د للسيوطي أن يورده في " الجامع الصغير " وإن كان ليس في إسناده من هو معروف بالكذب أو الوضع، ما دام أن الحديث يحمل في طياته ما يشهد أنه موضوع، وفي كلام ابن القيم الآتي (ص 158 - 160) ما يشهد لذلك والله أعلم.
726 - " إن اللوح المحفوظ الذي ذكر الله: (بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ) في جبهة إسرائيل ".
ضعيف.
أخرجه الطبري في " التفسير " (30 / 90) عن قرة بن سليمان قال: حدثنا حرب بن سريج قال: حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال: فذكره موقوفا عليه، وكذلك أورده ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 67) وقال: " قال أبي: هذا حديث منكر، وقرة مجهول ضعيف الحديث ". وقال في " الجرح والتعديل " (3 / 2 / 131) : " قرة بن سليمان الجهضمي الأزدي جليس حماد بن زيد، روى عن هشام بن حسان
(2/156)
ومعاوية بن صالح، روى عنه أبو الوليد الطيالسي وعمرو بن علي، سألت أبي عنه؟ فقال: ضعيف الحديث ". وحرب بن سريج قال الحافظ: " صدوق يخطئ ". والحديث أورده ابن كثير في " تفسيره " (9 / 170 - منار)
ساكتا عليه وأتبعه برواية ابن أبي حاتم - يعني في " التفسير " - بسنده عن أبي صالح: حدثنا معاوية بن صالح أن أبا الأعيس - هو عبد الرحمن بن سلمان - قال: " ما من شيء قضى الله، القرآن فما قبله وما بعده لا وهو في اللوح المحفوظ،
واللوح المحفوظ بين عيني إسرافيل، لا يؤذن له بالنظر فيه ". قلت: وهذا مع كونه مقطوعا موقوفا على أبي الأعيس، ففي السند إليه أبو صالح وهو عبد الله بن صالح كاتب الليث، وفيه ضعف من قبل حفظه، على أن أبا الأعيس نفسه لم يوثقه غير ابن حبان، أورده في " ثقات التابعين " وقال: " يروي عن رجل من أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم ". قلت: والظاهر من ترجمة " التهذيب " له أنه من أتباع التابعين. والله أعلم. وقد ساق له الدولابي في " الكنى " (1 / 118) آثار أخرى، ولم يذكر له حديثا مرفوعا.
727 - " دعوني من السودان، إنما الأسود لبطنه وفرجه ".
موضوع.
أخرجه الطبراني في " الكبير " (3 / 122 / 2) والخطيب (14 / 108) من طريق عبد الله بن رجاء: أخبرني يحيى بن سليمان المديني عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال: ذكر السودان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف، عبد الله بن رجاء هو الغداني. قال الحافظ:
" يهم قليلا "، فليس هو علة الحديث وإنما شيخه يحيى هذا، قال الحافظ: " لين الحديث ". وبه أعل ابن الجوزي الحديث فأورده في " الموضوعات " وقال: (2 / 233) : " لا يصح، ويحيى قال البخاري: منكر الحديث ". وهو قد تبع البخاري في هذا التجريح، ومن المعلوم أن البخاري لا يقول في الراوي " منكر الحديث " إلا إذا كان متهما عنده. ولهذا فإن تعقب السيوطي في " اللآلي " على ابن الجوزي بأن يحيى هذا روى له أبو داود والترمذي والنسائي، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه وليس بالقوي، وذكره ابن حبان في " الثقات " - لا يساوي شيئا،
فإن توثيق ابن حبان في مثل هذا المقام مما لا يعتد به العلماء الأعلام، لاسيما مع تضعيف الأئمة الآخرين لهذا الراوي.
(2/157)
وجملة القول أن هذا الإسناد ضعيف لا تقوم به حجة، وأما المتن فلا أشك في وضعه، ولنعم ما صنع ابن الجوزي في إيراده إياه في " الموضوعات "، وتعقب السيوطي إياه إنما هو جمود منه على السند دون أن ينعم النظر في المتن وما يحمله من معنى تتنزه الشريعة عنه، إذ كيف يعقل أن تذم هذه الشريعة العادلة أمة السودان بحذافيرها وفيهم الأتقياء الصالحون العفيفون كما في سائر الأمم، وليت شعري ما يكون موقف من كان غير مسلم من السودان إذا بلغه هذا الذم العام لبني جنسه من شريعة الإسلام؟! فلا جرم أن ابن القيم قال كما يأتي بعد حديث:
" أحاديث ذم الحبشة والسودان كلها كذب ".
وأقره الشيخ ملا علي القاري في " موضوعاته " (ص 119) ، بل إن ابن القيم رحمه الله قال في صدد التنبيه على أمور كلية يعرف بها كون الحديث موضوعا، قال (صفحة 48 - 49) : " ومنها ركاكة ألفاظ الحديث وسماجتها بحيث يمجها السمع ويسمج معناها الفطن ".
ثم ساق أحاديث عدة هذا آخرها. وللحديث طريق آخر عن ابن عباس وهو:
(2/158)
728 - " لا خير في الحبش، إذا جاعوا سرقوا، وإذا شبعوا زنوا، وإن فيهم لخلتين حسنتين: إطعام الطعام، وبأس عند البأس ".
موضوع.
رواه الطبراني (3 / 152 / 1) عن محمد بن عمرو بن العباس الباهلي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عوسجة عن ابن عباس قال: قيل: يا رسول الله ما يمنع حبش بن المغيرة أن يأتوك إلا أنهم يخشون أن تردهم قال: فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف رجاله كلهم ثقات غير عوسجة وهو المكي مولى ابن عباس ليس بالمشهور كما في " التقريب "، ومن طريقه أخرجه ابن عدي (261 / 1) وروى عن البخاري أنه قال: " لم يصح حديثه ". ثم ساقه.
قلت: وذكره السيوطي شاهدا للحديث الذي بعده فلم يصب، فإنه حديث موضوع المتن كما سبق بيانه في الذي قبله. وقد روي من حديث عائشة وهو:
(2/158)
729 - " الزنجي إذا شبع زنى، وإذا جاع سرق، وإن فيهم لسماحة ونجدة ".
موضوع.
رواه أبو سعيد الأشج في " حديثه " (114 / 2) : حدثنا عقبة بن خالد: حدثني عنبسة البصري عن عمرو بن ميمون عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا.
(2/158)
قلت: وهذا سند ضعيف جدا، آفته عنبسة هذا وهو ابن مهران البصري الحداد، قال أبو حاتم: " منكر الحديث ". وقال أبو داود: " ليس بشيء ".
وقال ابن حبان (2 / 167) : " كان يروي عن الزهري ما ليس من حديثه، وفي حديثه المناكير التي لا يشك من الحديث صناعته أنها مقلوبة ". ومن طريقه أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن عدي عن أبي سعيد الأشج به. ثم قال ابن الجوزي (2 / 233) : " لا يصح، عنبسة قال النسائي: متروك ".
وتعقبه السيوطي بالحديث الذي قبله وسبق الجواب عنه. وقد وافق ابن الجوزي على وضع الحديث الإمام ابن القيم فقال في " المنار " (ص 49) : " أحاديث ذم الحبشة والسودان كلها كذب ". " ثم ذكر أحاديث هذا أحدها، وثانيها الحديث الآتي: "
730 - " تخيرو النطفكم، وأنكحوا في الأكفاء، وإياكم والزنج فإنه خلق مشوه ".
موضوع.
رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 314) عن روح بن جبر: حدثنا الهيثم بن عدي عن هشام مولى عثمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. قلت: وروح هذا لم أعرفه. وأما الهيثم فكذاب، كذبه ابن معين والبخاري وأبو داود وغيرهم. وأما هشام مولى عثمان فلم أعرفه أيضا.
والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن حبان وهذا في " الضعفاء " (2 / 281) بسنده عن محمد بن مروان السدي عن هشام بن عروة به وقال (2 / 233) : " السدي كذاب، وتابعه عامر بن صالح الزبيري عن هشام وليس بشيء، وقال النسائي: ليس بثقة ".
وتعقبه السيوطي في " اللآلي " (ص 272) فقال: " قلت: له طريق آخر ". ثم ساقه من رواية أبي نعيم في " الحلية " (3 / 377) : حدثنا أحمد بن إسحاق: حدثنا أحمد بن عمرو بن الضحاك: حدثني عبد العظيم بن إبراهيم السالمي: حدثنا عبد الملك بن يحيى: حدثنا سفيان بن عيينة عن زياد بن سعد عن الزهري عن أنس مرفوعا، وقال:
(2/159)
غريب من حديث زياد والزهري، لم نكتبه إلا من هذا الوجه ". قلت: وسكت عليه السيوطي في " اللآلي " وأورده في " الجامع " من هذا الوجه، وإسناده مظلم، فإن من دون ابن عيينة لم أجد لهم ترجمة، غير عبد العظيم هذا فأورده الحافظ في " اللسان " وقال: " يغرب، من ثقات ابن حبان ".
قلت: فهو أو شيخه أو من دونه آفة هذا الحديث، فإن شطره الثاني منكر جدا، وقد سبق قول ابن القيم: " أحاديث ذم الحبشة والسودان كلها كذب ". ثم ذكر أحاديث هذا أحدها.
وأما الجملة الأولى من الحديث، فقد وجدت لها طريقا أخرى، رواه الضياء في " المختارة " (223 / 2) من طريق تمام الرازي: حدثنا أبو عبد الرحمن ضحاك بن يزيد السكسكي بـ (بيت لهيا) : حدثنا محمد بن عبد الملك: حدثنا سفيان بن عيينة به مقتصرا على قوله " تخيرو النطفكم ".
قلت: وهذا سند ضعيف، الضحاك هذا مجهول الحال أورده ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (8 / 230) وقال: " روى عن وزيرة بن محمد وأبي زرعة الدمشقي، روى عنه تمام بن محمد وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، مات سنة 347 "، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
وشيخه محمد بن عبد الملك لم أعرفه، ويحتمل أن يكون ابن أبي الشوارب الأموي البصري. والله أعلم. ولهذه الجملة شواهد لا تخلوأسانيدها من مقال، ولعلنا نتفرغ لتتبعها وتحقيق القول فيها إن شاء الله، وهي على كل حال لا تبلغ أن تكون موضوعة (1) ، بخلاف الجملة الأخيرة " وإياكم والزنج ... " فإنها ظاهرة البطلان كسائر الأحاديث التي تقدمت بمعناها، وقد ذكر هذه الجملة ابن معين في " التاريخ والعلل " (29 / 1) من حديث عائشة موقوفا عليها، ولعله أشبه فقال: " مسلمة بن محمد ليس حديثه بشيء يروي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت:.... " فذكره. ونحو هذه الزيادة في الضعف ما يرويه عيسى بن ميمون عن القاسم بن محمد عن عائشة مرفوعا بلفظ: " تخيرو النطفكم، فإن النساء يلدن أشباه إخوانهن، وأشباه أخواتهن ".
__________
(1) بل هي صحيحة بمجموع طرقها، وقد جمعتها وخرجتها في " الصحيحة " (1067) . اهـ.
(2/160)
أخرجه ابن عدي في ترجمة عيسى هذا (ق 294 / 2) وقال: " وعامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد ".
وروى عن البخاري أنه قال فيه: " صاحب مناكير وقال في موضع آخر: " منكر الحديث " وعن النسائي: " متروك الحديث ". وقال ابن حبان (2 / 116) : " منكر الحديث جدا، يروي عن الثقات أشياء كأنها موضوعات ".
731 - " تزوجوا ولا تطلقوا، فإن الطلاق يهتز له العرش ".
موضوع.
رواه أبو نعيم في أخبار أصبهان " (1 / 157) وعنه الديلمي (2 / 1 / 30) والخطيب في " تاريخه " (12 / 191) من طريق عمرو بن جميع عن جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي بن أبي طالب مرفوعا. ساقه الخطيب في ترجمة عمرو هذا بعد أن قال فيه: " كان يروي المناكير عن المشاهير، والموضوعات عن الأثبات ".
وروى عن ابن معين أنه قال فيه: " كان كذابا خبيثا ". والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق الخطيب وقال: " لا يصح فيه آفات، الضحاك مجروح، وجويبر ليس بشيء، وعمرو قال ابن عدي: كان يتهم
بالوضع ". وأقره السيوطي في " اللآلي